الخميس، 17 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ـ الرسائل : 1) (رسالة إلى فلسطين)

الحمد لله الذي أمر بقتال الأعداء.. وأنزل على عبده الكتاب فأعجز به البلغاء.. وآمن به الحكماء.. ورضي بحكمه العقلاء.. وجعله لنا هادياً ونذيراً.. ومرشداً وبشيراً.. من تمسك به فقد رشد.. ومن زاغ عنه فقد فسد.. من اعتمد عليه في موالاته ومعاداته فهو له سراج منير.. القائل في كتابه العزيز.. { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216) .. وقوله سبحانه :{ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } (التوبة: 36).. وقوله سبحانه :{ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (التوبة: 111).. والقائل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (الصف:10ـ 13).. والصلاة والسلام على أشرف خلقه.. وخير رسله.. محمد صلى الله عليه وسلم .. الذي مزق الله ببعثته ظلام الكفر.. وجعل من هديه عدم مولاة اليهود والمشركين جملة وتفصيلا.. الحاض على مجاهدة الأعداء.. ونصرة الضعفاء.. القائل : << جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم >>(المستدرك على الصحيحين [2427] ج2 ص91).. والقائل : << رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها >> (صحيح البخاري [2735] ج3 ص1059).. والقائل : << تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو ضامن عليَّ أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة.. والذي نفس محمد بيده ما من كلم يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون الدم وريحه ريح المسك.. والذي نفس محمد بيده لولا أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبداً ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني.. والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل >>( صحيح مسلم [1876] ج3 ص1495).. وعلى آله وصحبه الأطهار.. الذين تحابوا في الله حباً بلغ مبلغ الكمال.. وجاهدوا في سبيل نصرة هذا الدين جهاداً عظيماً.. وأرغموا فيه أنوف الأعداء.. وجاهدوا فيه الكفار والمنافقين والمجوس واليهود والنصارى جهاداً كبيراً.. وتميزوا به عن أهل الضلال والزيغ.. فلم يرضوا منهم بأنصاف الحلول سبيلا.. أما بعد...
أحـلَّ الكفــر بالإسـلام ضيمـاً
يطــول عليــه للديــن النحيـب
فحــق ضائــع وحمـى مبـاح
وسيـــف قاطـــع ودم صبيـب
وكـم من مسلــم أمسـى سليبـاً
ومسلمــة لهــا حـــرم سليـب
وكـم من مسجـد جعلـوه ديـراً
علـى محرابــه نصـب الصليـب
دم الخنزيـر فيـه لهـم خلـوق
وتحريـق المصاحـف فيــه طيـب
أمــور لـو تأمَّلــهن طفــل
لطفّـل في عوارضـــه المشيـب
أتسبـى المسلمـات بكـل ثغــر
وعيــش المسلمين إذن يطيــب
أمـا والله والإســلام حـــق
يدافــع عنــه شبـــان وشيـب
فقل لـذوي البصائـر حيث كانوا
أجيبــوا الله ويحكـــم أجيبــوا

فلسطين .. حاولت أن أكتب عنك كلمة.. أو أرسل إليكِ رسالة.. أو أعبر لك بعبارة.. تعبر عن مدى حزني وألمي.. وهمي وغمي.. بسبب ما يحدث في أرضكِ الطاهرة.. وأماكنك المقدسة.. من قتل وهدم وإحراق وتشريد وعربدة وفساد.. ولكن.. ماذا أكتب؟! وماذا أقول؟! ولمن أكتب؟! وهل هناك من يسمع أو يعقل؟! في هذا الزمن العاثر.. الذي تغيرت فيه المفاهيم.. وتبدلت القيم والأخلاق.. وسيطر الأوباش على حياة الناس.. تساؤلات تدور في خاطري.. تارة تشدني إلى الكتابة.. وتارة أخرى تبعدني عنها بسبب اليأس والسآمة.. لما آلت إليه أمتي من الضعف والوهن.. والجبن والخوف.. والاستجداء من الأعداء.. وطلب العون والتأييد من العبيد.. والرضوخ للطغاة ومصاصي الدماء.. فهذه الأمور مجتمعة منعتني بعض الوقت عن الكتابة.. وآلت بي إلى الركون والدعة.. ولكن عقلي لم يركن لمطالب جسدي.. وفكري لم يستجب لوسوسة نفسي.. فلم يتوقف عن التفكير.. والبحث عن المخرج أو السبيل.. فأخذ يشجعني على الكتابة.. ويؤملني بالانتصار على النفس وقيود الأعذار.. وينصحني بالكتابة في التو والحال.. وقذف بركان غضبي حتى لا ينفجر فيحرق جسدي.. ولكني قبل أن أكتب مقالي إليك يا فلسطين تساءلت.. هل أكتب نعي لوفاتك بسبب تخاذل الأمة الإسلامية عن نصرتك؟!.. أم أكتب عن الجرائم والمذابح والمجازر والتقتيل في شعبكِ الأبي؟! .. أم أكتب عن أساليب الاغتيالات الإسرائيلية وبشاعتها وهمجيتها؟!.. أم أكتب عن هدم البيوت وتدنيس المساجد؟! .. أم أكتب عن اغتصاب أرض وهتك عرض؟!.. أم أكتب عن المؤامرة العالمية لإخراجكِ من الأمة الإسلامية؟!.. أم أكتب أهنئك أم أعزيك بشهدائك الأبطال البواسل؟!.. أم أكتب لأحيي فيك انتفاضتك المباركة؟!.. أم أكتب عن أطفال الحجارة العظام؟!.. أم بصمود شعبك الجبار في وجه الأشرار؟!.. أم أكتب عن تاريخكِ العظيم؟!.. أم أكتب عن النكسات والهزائم؟!.. أم أكتب عن التشريد والتهجير؟! .. أم أكتب عن المخيمات واللاجئين؟!.. أم أكتب عن إراقة الدم الطاهر الزكي على عرصات الطهر والقداسة؟!.. أم أكتب عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل أناس لا يعترفون بالنظـام؟!.. أم أكتب عن قتـل الأطفـال والرضع؟!.. أم أكتب عن قتل النساء والعجائز؟!.. أم أكتب عن بقر بطون الحوامل؟!.. أم أكتب عن حادثة اغتيال البراءة؟!!.. أم أكتب عن الطفولة وما تعانيه من الألم والظلم والقسوة؟!!.. أم أكتب عن التخويف والتجويع؟!.. أم أكتب عن الحصار والتركيع؟!.. أم أكتب عن التنكيل والتذليل؟!.. أم أكتب عن السجون والمعتقلات؟!.. أم أكتب عن عربدة الأشرار في أرضكِ الطاهرة وسكوت العالم الحر؟!.. أم أكتب عن تاريخ اليهود الدامي الأسود؟!.. أم .. أم .. أم.. لقد حار فكري وتشتت أفكاري.. فلا أدري ماذا أكتب؟!.. ولمن أكتب؟!.. وهل تفيد في هذا الزمن الكتابة؟!.. وهل ينفع الكلام؟!.. وهل هناك من يسمع؟!.. وهل هناك من يبصر؟!.. بعد أن انطمست البصائر.. وتحجرت القلوب.. وتاه الناس في متاهات السلام!!.. وغرد الصقر بين أسراب الحمام؟!!.. ولكن رغم ذلك قررت أن أكتب إليكِ يا فلسطين.. سمع من سمع.. وقرأ من قرأ.. وعقل من عقل.. فلا يهمني إلا أنت ...
ألإسرائيــل تعلــو رايــة
في حمى المهـد وظل الحـرم
رب وامعتصمـاه انطلقــت
ملء أفـواه الصبايــا اليتـم
لامسـت أسماعــهم لكنـها
لم تلامـس نخـوة المعتصـم
فلسطين .. يا أرض العفة والنقاء .. يا أرض البطولة والفداء .. يا أرض الأمجاد والعطاء .. يا أرض الجدود والآباء.. يا أرض السعادة والنماء .. يا أرض المعراج إلى السماء.. يا أرض العزة والإباء.. يا أرض المجد والرخاء.. يا أرض الجهاد وساحات الأقوياء.. يا أرض الطهر ورسالة السماء.. يا أرض الإيمان والعلماء .. يا أرض الرسالات وحضارة العظماء.. يا أرض القدس الشماء.. يا منبع الروح ومنبت الفداء.. إننا على العهد والوفاء.. وماضون في طريقنا رغم القيود وهذا البلاء.. ولكن إلى متى هذا الجفاء من أمة خرساء وعمياء؟!.. أما آن لها النهوض وترك البكاء.. على ما مضى من تاريخ الآباء.. ونسيان الماضي.. والعمل للتشييد والبناء.. وبناء تاريخ مشرق يفتخر به الأبناء.. واستئصال من أرضنا الطاهرة ذلك الوباء.. لتعود لنا أرض الجدود والآباء.. ولتعود لنا إشراقة الصبح وابتسامة المساء.. ونصلي في المسجد الطاهر ركعتي شكر على تلك النعماء..
أيها الشادي بلحن كف عيناً دامعه
إنما يحلو نشيدي يوم جردت الحسام
ثم صليت بساحي وقرأت الواقعة
وسبقت الخطو تعدو بين أرجاء الزحام
كي تذيقن الأعادي ما لعوالي صانعة
كيف رد الفعل منا في ضروب الانتقام
حربنا كر وفر وسموم ناقعة
وبنو صهيون صرعى تلفظ الموت الزؤام
فلسطين .. دعي مبادئ الغرب ومناشدة حقوق الإنسان.. دعي الأمم المتحدة والتوسل إلى الأمريكان.. دعي قرارات مجلس الأمن التي أصبحت يتهكم عليها الصبيان.. دعي مقارعة الصمان والعميان.. فقد مات الضمير وانعدم الإحساس في ذلك الإنسان.. وعششت في نفوسهم عولمة هذا الزمان.. فالأمم المتحدة أصبحت مأوى كل ظالم وشيطان.. ومجلس الأمن حامل لواء الصلبان.. إذا أراد أن يظهر حقاً نسف بفيتو الأمريكان.. وبـوش الابن كان أعمى حيث أنه لم يشاهد شعب يذبح مثل الخرفان.. وأطفال كانوا ضحية غدر ولم تتجاوز أعمارهم السنتين.. بيوت تهدم وأشلاء متحولة من أبدان.. لم يشاهد التدمير والخراب في كل مكان.. لم يشاهد الحصار والتجويع لتركيع أولئك الشجعان.. لم يشاهد عربدة شعب لا يعترف بقانون ولا حقوق الإنسان.. فكان أعمى وأصم وفوق ذلك أطلق لسانه بالهذيان.. ولم يقتنع بحقيقة أمره ولكنه تبجح وأطلق على الجزار ورجل الإرهاب رجل السلام؟!!.. والشعب المظلوم المطحون إرهاب وأعداء للسلام؟!! فهذه هي مقاييس أهل الطغيان.. وهذه هي مفاهيم أهل الجبروت والصلبان..
وهذه يهود المكر باتت لسحقنا
تعد قواها خلفنا وتؤهب
إذا لاح وجه الصبح تطفئ نوره
غيوم تغطي الأفق الأرض عنا وتحجب
فهبي هبة مارد غضبان.. واقتلعي جذور الظلم من السيسان.. لتعود الأرض والعمران.. ويعود الوطن المنشود إلى الأحضان.. ويعود أصحاب الشتات من الهجران.. ويعود الفلاح لزرع البستان.. وتعود ابتسامة البراءة ويعود الأمان.. فلا ينفعكِ في هذا الزمن بوش ولا كوفي عنان(1).. ما داموا يسبحون في بحر شارون ذلك الجبان.. قسماً قصر الأمد أو طال الزمان.. ستحرر أرضك من الطغيان.. إن اتبعتِ سبيل الرحمن.. وسلكت طريق أهل الرضوان.. وتركت طاعة أهل الكفر والفسوق والعصيان...
أفق فالدجى ولى مع الأمس مدبرا
ولاح نهار الجد والجد أصعب
وودع فراش النوم وانفض خموله
ودنيا ظلال الذل فالموت أصعب
وخض بفؤاد الصبر عاصفة الردى
فخوض دواهيها أعز وأصلب
وشدو أغانيها يهزك رجعه
وريح شذاها في الشدائد أطيب
أفق من سبات مل هذا الكون طوله
فحولك آلاف المذابح تندب
فيا ضائعاً في التيه من غير مقصد
تعلق بركب النور فالتيه مرعب
فقد ضل من سارت خطاه بلا هدى
وليس له بين الخلائق مأرب
فلسطين .. يا مقبرة الأطهار.. ومنبت الأخيار .. ومساكن الأبرار.. وشعبها الجبار.. وأطفالك الذين هم رمز المنار.. وبهم نلنا العز والوقار.. فتحية إجلال وإكبار.. لأولئك الصغار في الجسم وفي الأفعال كبار.. والذين مسحوا من حاضرنا العار.. وتحية أيضاً لشهيدنا البطل المغوار.. قاهر الصعاب والأخطار.. فبك إسرائيل أصابها الجنون والسعار.. وأصاب شعبها الهلع والخوف والإعسار.. وأصاب اقتصادها الإفلاس والدمار.. وبك حلت في دارنا الأنوار.. بعد ظلمة القرار.. والاتكال على الأقدار.. ونسيان الاعتماد على الواحد القهار.. وصار الذي صار...
دم الشهداء مداد الكرا
مة .. مصباحنا في دياجي المحن
بإقدامهم سطروا المعجزات
جهاداً يدكُّ جدار الوهن
ويحطم قيد الخنوع الذميم
ويخلع عنا رداء الكفن
فندرك من نحن!! ما حقُّنا
ونصحو لنملأ عين الزمن!
فلسطين .. لقد لحق بنا باغتصابك العار.. ونسينا حق الأهل والجار.. ومن جبننا اختبأنا تحت الخمار.. وكل شيء في حياتنا قد بار.. وأصبحت حياتنا لا يوجد فيها يوم سار.. وتناسينا المبدأ والمنتهى والقرار.. وأن هناك يوماً حاراً.. وتناسينا لقيا الملك الجبار..الذي لا تخفى عليه خافية في الليل ولا في النهار.. فإسرائيل في بلادنا تهدم وتدمر ونحن في اجتماعاتنا ومنتدياتنا نطالب بالإعمار؟!.. وإسرائيل تقضي على الأخضـر واليابـس ونحن نناقش قضية إرهاب الصغار؟!!.. فأصبح حالنا أن إسرائيل ترعبنا بالدبابات والجرار.. ونحن نرعبها بالكلام النشاز والشنار.. وتارة بالتنديد والاستنكار.. وتارة بالإدانة والشجب الذي أصبح رمزنا يا للعار.. واكتفت أمتي من الاجتماعات المنعقدة بعرض القرار.. وقالت عقب كل اجتماع يكفينا لضحايا شعبنا من اليهود الاعتذار.. ونادى منادي في الملأ بعد الاجتماع هيا يا صحبي إلى البار.. لنحتسي كأس الانتصار؟!!.. ولم تتعظ أمتي من قصص اليهود في القرآن وفي سيرة خير الأبرار.. وأنها وجدت هذه القصص للاتعاظ والاعتبار.. والاستذكار والاستعبار.. لا للتفكه والتندر في الحل والأسفار.. ولم تتيقن أمتي بعد أن اليهود ليس عندهم ذمة ولا عهد ولا وقار.. فحق علينا الهوان وأن يقذفنا ربنا في النار.. وأن يسوينا مع زمرة الكفار والفجار...
ناديت قومي والرياح عنيفة
والصمت كهف والظلام مخيم
ناديت لكن الذي ناديته
أعمى أصم عن الحقيقة أبكم
ناديت لكن الذي ناديته
أمسى على ماء التخاذل يرقم
ناديت لكن الذي ناديته
بالنوم في الفرش الوفيرة مغرم
ويئست ثم تركت قومي بعضهم
يبدي تآمره وبعض يكتم
ومضيت وحدي في دروب عزيمتي
إن المجاهد حين يصدق يعزم
ورأيت أعدائي صغاراً كلما
واجهتهم بيقين قلبي أحجموا
وغدوت أدعو من رجال عشيرتي
من سافروا خلف السراب ودمدموا
يا من رحلتم في دروب شوكها
صعب المراس ورملها متكوم
هذي منابركم تزلزل نفسها
سأماً وقد كفرت بما قررتمو
طيروا بأجنحة السياسة حيثما
شئتم وقولوا ما أردتم وارسموا
وقفوا أمام وسائل الإعلام في
صمت لتأخذ صورة وتبسموا
واستمطروا من هيئة الأمم التي
هرمت بقايا عطفها كي تغنموا
وترقبوا تأشيرة لدخولكم
فلربما جادوا بها وتكرموا
وابنوا لكم في كل أرض دولة
ألشعب والحكام فيها أنتمو
ودعوا لنا درب الجهاد فإنه
درب الخلاص لنا وإن كابرتموا

وغنت المطربة في ساحة الأقصى أغنية السلام.. وتلاطمت كؤوس نخب الانتصار.. وأعلنت الراقصة إن هذا اليوم يوم عيد ورقصها بالمجان.. وأعلن التلفاز أنه قد حان رفع الحصار.. وخروج الاستعمار.. وقص شريط الانتصار.. وحان مسح العار.. فكما ترين هذا هو حال أمتي.. وهذه هي أحلامهم وأمانيهم في هذا الزمان.. وهذا الذي كان وصار وما زال..
وإذا سألتم عن بني قومي ففي
كتب الحقيقة ما يمضُّ ويؤلم
لا تسألوا عن حالهم فهناك من
يمحو مآثر شعبه ويهدم
وهناك من يبني سعادته على
كتف الضعيف ويستبد ويظلم
وهناك من يسخو على شهواته
ويمضه في المكرمات الدرهم
وهناك من ينسى بأن رحاله
تمضي وأن الموت أمر مبرم
إني أقول وللدفاتر ضجة
حولي تهيب من صداها المرسم
لو كان أمر الناس في أيديهمو
ما مات فرعون وقام المأتم
لو كان أمر الناس في أيديهمو
ما ظل مكتوف اليدين الأشرم
لو كان أمر الناس في أيديهمو
ما سف من ترب الهزيمة رستم
سكت الرصاص فيا حجارة حدثي
أن العقيدة قوة لا تهزم
فمالك إلا نفسك.. فكسري القيد.. وحلي الأغلال..وفكي الرباط.. وحلقي في السماء.. وغردي خارج السرب.. بعد التوكل على الرب.. تظفري بالنصر.. وتفوزي بالأرض.. وتحفظي العرض...
وإن طوقتنــي جيــوش الظـلام
فإنــي علـى ثقــة بالصبــاح
وإنــي علـى ثقــة من طريقي
إلـى الله ربِّ السَّنــا والشـروق
فـإن عاقنـي الشـوق أو عقنــي
فإنـي أميــن لعهــدي الوثيـق
أخـي أخــذوك علــى إثرنـا
وفـوج على إثـر فـوج جــديد
فـإن أنــا مـتُّ فإنــي شهيـد
وأنـت ستمضـي بنصـر مجيـد
قـد اختارنــا الله فـي دعوتــه
وإنَّـا سنمضــي علـى سنتــه
فمنَّـا الذيــن قضــوا نحبـهم
ومنــا الحفيــظ علـى ذمتـه
أخـي فامـض لا تلتفـت للـوراء
طريقـك قــد خضبتـه الدمـاء
ولا تلتفـت هـاهنـا أو هنــاك
ولا تتطلــع لغيــر السمــاء
فلسطين.. إن جحدك الجاحدون.. ورماك الحاسدون.. ومزقك المغتصبون .. وانهال عليك النمامون.. وثبطك المثبطون.. وتكاسل عن نصرتك الجبناء.. وباع أرضك الخائنون.. وتاجر بك المرابون.. وتشمت بك الحاقدون.. وحاك المؤامرة في استئصالك الأعداء.. وساوم عليك الأنذال والسفهاء.. ونساكِ البلهاء.. ولم تسلمي من لسان الأغبياء.. فأنت في القلوب راسخة.. ونحن على حبك ثابتون.. وعلى عهدنا ووعدنا ماضون.. وفي سبيل تحريرك سالكـون.. وإن وجدنـا في طريقنا القـلاع والحصـون.. لن يثبطنا عن تقبيل ترابك ولو بعد حين...
لا الشرق يبغي عزنا كلا ولا
غرب التحلل إنه كالحية
الكل يبغي ذلنا وهواننا
من غير ربي منقـذ من حيرتي؟
فلسطين.. لقد فتحك عمر الفاروق.. وحررك صلاح الدين الأيوبي.. أما الآن.. فأمتي نائمة.. وعن الجهاد راقدة.. وفي اللهو سامدة.. وفي الملذات منغمسة.. وتنتظر .. عمراً ثانياً أو صلاحاً آخراً.. حتى يحرر أرضكِ من دون سلاح.. ويأتي بالنصر والفلاح.. واستمر هذا الحال دهوراً.. نمني أنفسنا بالأوهام والأحلام.. والإعلام يوهمنا بهذه الأكذوبة حتى أصبحنا لا نفرق بين الواقع والخيال.. ولم نكتفِ بهذا ولكن كنا نرجوا من الزمان أن ينجب لنا غلاماً.. لعله يوقظ فينا ما قد نام.. وليحيي ما قد مات.. ولكن لم يستجب الزمان.. ولم يأت الغلام.. ثم دعونا مرة أخرى ليعود صلاح من الأجداث .. وننادي عند قبره بأعلى صوتنا .. قم يا صلاح .. قم يا صلاح.. فقد آن وقت النصر والنجاح.. وقد حان موعد الكفاح.. وندعوه كل مساء وصباح.. لعله ينهض من قبره ويطهر الأرض من والأوساخ والأنجاس.. ويزيل ما علق من دنس الأرجاس.. ولكن لم يسمعنا صلاح.. ولم يقم صلاح.. ولم يأت صلاح.. ولكن ذهبت مع نداءاتنا الأراضي والأرواح.. ودمرت البيوت والسلاح.. وهتكت الأعراض واغتيل الصلاح.. ولم يهمنا ذلك ولكن همنا عودة صلاح.. ولم نيأس من عدم استجابته لنا ولا من كثرة النباح.. ولكن في خضم هذه الكوارث جاءت الأيام الملاح .. ووجد المنقذ ووجد الفلاح.. ووجد من يأتي بالخلاص والإصلاح.. حيث تراءت لي لمحة من أمل في عودة أيام صلاح.. ولكن ليس فيها صلاح .. إنما فيها أحفاد صلاح.. إنهم أطفال الحجارة رجال في زمن الأشباح..
أماه قد أزف الرحيل فهيئي كفن الردى
أماه إني زاحف للموت لن أترددا
أماه لا تبكي عليَّ إذا سقطت ممددا
فالموت ليس يخيفني ومناي أن استشهدا
والحرُّ يأبى أن يلين وأن يهادن مفسدا
أنهم هم أملنا في عودة أيامنا الملاح.. وعودة حي على الفلاح.. ويعود كل ما قد راح.. مع إشراقة شمس الصباح...
لا تخـش يـا أبتــي علـيَّ فربمـا
قامـت على عـزم الصغيـر بــلاد
دعنـا نسافــر فـي دروب إبائنـا
ولنـا من الهـــمم العظيمــة زاد
ميعادنــا النصـر المبيـن فإن يكن
مـــوت فعنــد إلهنــا الميعـاد
دعنــا نمــت حتى ننـال شهـادة
فالمــوت في درب الهـدى ميــلاد
((تمت))

(1) للعلم : كتبت هذه الرسالة عندما كان كفي عنان أمين عام الأمم المتحدة وشارون زعيم الكيان الصهيوني..

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

من قبائل ضنك ( قبيلة البداه )

قبيلة البادي

من القبائل المشهورة في ولاية ضنك ، وهي من القبائل الأزدية ، تنتسب لـ مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد ، فيقال لهم ( أولاد فهم ) ، كما هو الحال عند جيرانهم قبيلة بني يزيد التي تنتسب لـ يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ، ويقال لهم ( أولاد معاوية ) .

تستوطن هذه القبيلة بلدة " دُوت " بولاية ضنك ، واسم "دوت " يطلق على إحدى قرى وادي فدى [ضنك] ، وهي تقع في الجهة الشرقية من ولاية ضَنْك ، حيث يحدها من الغرب بلدة " علاية ضنك " ومن الشرق بلدة " فِدى " ومن الجنوب " جبال وادي بجلا " ومن الشمال " الجبل الأبيض " .

وهي تقع على الجهة اليمنى من وادي فدى [ضنك] للقادم من جهة فِدى حيث يقول مؤلف كتاب " دليل الخليج " أثناء حديثه عنها ما يلي : " دوت على الضفة اليمنى ، 100 منزل لبداه وسعيدة ، لديهم 1000 شجرة نخيل " .

وتبعد هذه القرية عن مركز الولاية بحوالي ( 14 كم ) وتنقسم إلى عدة مناطق وهي :المدري ـ المناجير ـ الشريعة ـ البلاد ـ الظاهرية ـ أبو ملة ـ الفليج ـ حرضي ـ سالمة ـ المحينية.

وتنطق كلمة ( دُوْت ) بضم حرف الدال وسكون الواو وهذا هو الشائع في النطق عند عامة الناس ، حيث إننا عندما نذكر هذه الكلمة نضم أولها كأن يقول القائل منا: ( ذهبت إلى دُوْت ) أو (كنت في دُوْت ) .

كما تنطق بفتح حرف الدال ( دَوْت ) ، وقد وردت في إحدى قصائد الشيخ الفقيه سليمان بن محمد بن ربيعة بن زيد بن درع المربوعي الضَنْكي ، من علماء القرن الثاني عشر الهجري ، كان حيا إلى سنة 1141هـ حيث يقول في مطلع إحدى قصائده:
ما القول في ذات حمل من فِدى خرجت ....* تؤم دَوتا فماتت قبل أن تصلا

أما من حيث أصل كلمة ( دَوْت ) فالظاهر أنها مشتقة من كلمة الدوي بحيث يقول القائل ( دَوَت الريح ) أي صار لها صوت أو ( دَوَت الرعود ) ثم بعد ذلك حرفت إلى النطق الحالي .

وقد جاء في " لسان العرب " : ( الدوي : الصوت ، وخص بعضهم به صوت الرعد ، وقد دَؤَّى الصوت يدَوَّي تدوية . ودوي الريح : حفيفها ).

وقال صاحب كتاب " العين " : ( ودويّ الصوت ، يقال منه : دوَّ الصوت يدوَّ تدوية )

وهذا الإسم ـ أي ( دَوْت ) ـ اسم قديم أطلق على هذه القرية منذ مئات السنين وليس إسما حديثا ، حيث يذكر المؤرخ العماني العوتبي ـ من علماء القرن الخامس الهجري ـ في كتابه " الأنساب " ج1 / ص 441 أثناء حديثه عن قبائل كندة وبالذات قبائل بني الحارث الأصغر بن معاوية الأكرمين بن الحارث الأكبر بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة ما يلي) : ( وأما بنو سعيد بن سعد فكانوا أهل دوت ) .

وبنو سعيد هؤلاء الذين ذكرهم المؤلف هم : بنو سعيد بن سعد بن الأرقم بن النعمان بن وهب بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر بن معاوية الأكرمين بن الحارث الأكبر بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة .

كما ذكرها صاحب كتاب " الخليج العربي بلدانه وقبائله" أثناء حديثه عن قبائل عمان حيث يقول : " قبيلة بني سعدة (1) عددهم خمسمائة يسكنون دوت في الظاهرة غافريون " .

ويقول المؤرخ " ج . ج . لوريمر " في كتابه " دليل الخليج " أثناء حديثه عن ضنك : ( دوت على الضفة اليمنى ، 100 منزل لبداه وسعيدة (2) ، لديهم 1000 شجرة نخيل ) . (3)

وأعتقد ـ والله أعلم ـ أن هذا الإسم أطلق على بلدة " دوت " لأحد سببين :
أما بسبب صوت الريح عندما تهب على هذه القرية المحاطة بالجبال فيكون لها دوي فاشتق منه اسم " دوت " .
أو بسبب دوي صوت المناجير التي كانت تستخدم في إستخراج المياه من باطن الأرض والتي كانت تشتهر بها هذه القرية وخصوصا إن إحدى مناطق " دوت " يطلق عليها إسم " المناجير " إلى الآن بسبب كثرة المنَاجِير بها قديما ، فلعلها سميت بهذا الإسم بسبب دوي صوتها .
كما يوجد سبب آخر لهذه التسمية ذكره الشيخ سعيد بن سالم المقلودي البادي (4) ـ في بحث أعده عن بلدة دوت ـ وهو أنها سميت بهذا الإسم نسبة لـدوي صوت المدافع.

ويوجد بها الكثير من المعالم الأثرية كالحصون والبروج والمساجد ، بعضها تم تأسيسه على يد قبيلة بني ساعدة والبعض الآخر من تأسيس قبيلة البداة ، ومن هذه الحصون :
حصن دوت: يقع هذا الحصن في وسط بلدة دَوْت وما زال متماسكا رغم عوادي الزمن وتقلبات الأحوال التي مرت عليه .ويذكر أن باني هذا الحصن هو الشيخ علي بن محمد البادي.

برج دوت : يقع هذا البرج في بلدة دوت بالقرب من حصن دوت وهو يعتبر من ضمن توابع هذا الحصن ، ويمتازهذا البرج بالإرتفاع ويتكون تقريبا من ثلاثة طوابق وما زال موجودا إلى الآن .

مسجد ند القديم : يقع هذا المسجد في بلدة دوت في منطقة مرتفعة منها يطلق عليها اسم " ند " ولذا سمي بهذا الإسم نسبة إلى هذا الند ، وقد أسس هذا المسجد الإمام عزان بن قيس البوسعيدي رحمه الله تعالى عندما قدم إلى ولاية ضنك عام 1870م ، ويتكون هذا المسجد من صرحين داخلي وخارجي وبه محراب وما زال هذا المسجد موجودا إلى الآن .



في هذه القرية تتركز قبيلة البادي ، وهي تنقسم إلى عدة فخائذ ، منهم : المقاليد وهم أولاد محمد بن علي بن محمد بن فهم بن مالك بن مقلود بن سيد بن صقر البادي ، شيوخ هذه القبيلة ، ومنهم أولاد بطي ، وغيرهم كثير ، وممن برز من هذه القبيلة :
الشيخ محمد بن علي بن محمد البادي
والشيخ سعيد بن محمد بن علي البادي
والشيخ علي بن محمد بن علي البادي
والشيخ محمد بن علي بن محمد البادي
والشيخ عبدالله بن علي بن محمد البادي
والشيخ راشد بن علي بن محمد بن علي البادي ، وهو أشهر من برز من هذه القبيلة ، وكان سياسيا محنكا ، استطاع بحكمته وذكائه أن يكون لنفسه وقبيلته هيبة ومكان بين القبائل المجاورة .

هذا وقد انتقل الكثير من أفراد هذه القبيلة في الوقت الحالي إلى ولاية البريمي وإمارة أبوظبي ومدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة .


==============
1) ، (2) لا أدري هل المقصود هنا قبيلة الساعدي أم السعدي ، لأن القبيلتين كانتا في دوت ، وما زال الكثير من أفراد قبيلة السعدي إلى الآن في بلدة " دوت " .
3) القسم الجغرافي ، الجزء الثاني ، ص 563
4) هو الشيخ سعيد بن سالم بن سعيد بن محمد بن علي بن محمد المقلودي البادي ، من شيوخ البداة في دوت ، له إهتمام بتاريخ قبيلته ومنطقته ، عاصر الكثير من الزعماء والشيوخ في منطقة الظاهرة ، كان من أشد المقربين من الشيخ راشد بن علي البادي .

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( نهاية عام.. وبداية عام جديد)

انقضى العام الهجري.. كأنه طيف خيال.. أو لمح بصر.. وانقضت معه مرحلة من مراحل العمر.. وطويت صفحة من صفحات الحياة.. وهكذا تنقضي الأعوام عاماً بعد عام.. وكذلك تنقضي الآجال على مر الزمان.. قال تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } (الرحمن:26ـ27) .. ونحن لا زلنا نيام.. غرنا التسويف.. وطول الأمل..
نروح ونغدو لحاجاتنا
وحاجة من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته
وتبقى له حاجة ما بقي
أشاب الصغير وأفنى الكبير
كرُّ الغداة ومرُّ العشي
إذا ليلة أهرمت يومها
أتى بعد ذلك عام فتي

وها هما الليل والنهار.. يدوران ويذهبان.. ولا يعودان.. وعلى عمل المرء يشهدان.. إن هذه الأعوام التي نفرح بانقضائها.. وتلك الأيام والليالي والشهور.. هي في الحقيقة.. محسوبة من أعمارنا.. ماضية بآجالنا..
كم للمنايا في بني آدم
توسع منه تضيق الصدور
فالوقت لا تحدث ساعاته
إلا الردى المحض بوشك المرور
أيامنا السبعة أيسارنا
وكلنا فيها شبيه الجزور
طهرت ثوباً واهياً ثم ما
قلبك إلا عادم للطهور
لو فطن الناس لدنياهم
لا اقتنعوا منها اقتناع الطيور

وحال الدنيا ينطبق عليه قول الله تعالى : { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (الحديد: 20)..
حكم المنية في البرية جار
ما هذه الدنيا بدار قرار
جبلت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذار والأكدار
فاقضوا مآربكم عاجلاً إنما
أعماركم سفر من الأسفار

إن العاقل.. من يحاسب نفسه.. قبل أن يحاسبه ربه.. ويقلع عن فعل السيئات.. قبل أن يدركه الممات.. فما يوم تشرق شمسه إلا وينادي : "يا ابن آدم.. إني خلق جديد.. وعلى عملك شهيد.. فاغتنم مني.. فإني لا أعود".. وها هو العام الهجري.. قد انقضى.. فيا ترى أيكون شاهداً لنا.. أم شاهداً علينا؟!!
إذا مرّ بي يوم ولم أستفد هدى
ولم أكتسب علماً فما ذاك من عمري

يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمت على شيء.. ندمي على يوم.. غربت شمسه.. نقص فيه أجلي.. ولم يزد فيه عملي"..
حياتك رأس المال والعلم ربحه
وأخلاق أشراف بهن تصدر
وموسمك الأيام خلتك حازماً
وإلا فذو التفريط لا شك يخسر
ومن ضيع الأوقات ضاعت حياته
وعاش فقيراً جاهلاً ليس يشكر
ودع غائباً من فائت ومؤمل
فوقتك سيف قاطع ليس يعذر

على المسلم.. أن يستعد لما يأتي من الأيام القادمة.. وعليه أن يعلم.. أن ما تبقى من الدنيا بالنسبة لما مضى.. يشبه ما بقى من عامنا هذا بالنسبة لما مضى منه.. وليكن على استعداد في كل وقت للرحيل.. ليكن في الدنيا كأنه غريب أو عابر سبيل.. إذا أمسى فلا ينتظر الصباح.. وإذا أصبح فلا ينتظر المساء.. وليأخذ من صحته لمرضه.. ومن حياته لموته..
يا ساهياً لاهياً عما يراد به
آن الرحيل وما قدمت من زاد
ترجو البقاء صحيحاً سالماً أبدا
هيهات أنت غداً فيمن غدا غاد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : <<الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله >>( سنن الترمذي ج4 ص638) .. وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : يا رسول الله .. أي الناس خير؟.. قال : << من طال عمره وحسن عمله >>.. قال : وأي الناس شر؟.. قال : << من طال عمره وساء عمله >>(المستدرك على الصحيحين ج1 ص 489)..
الأمر جد وهو غير مزاح
فاعمل لنفسك صالحاً يا صاح
كيف البقاء مع اختلاف طبائعٍ
وكرور ليلٍ دائمٍ وصباح
تجري بنا الدنيا على خطر كما
تجري عليه سفينة الملاح
تجري بنا في لج بحرٍ ما له
من ساحل أبداً ولا ضحضاح

أخوتي في الله.. يقول الإمام علي كرم الله وجهه : " من أمضى يومه في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد بناه أو حمد حصَّله أو خير أسَّسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه".. فرأس مال الإنسان في هذه الحياة.. ثوان معدودة.. ودقائق محسوبة.. فليستعرض كل واحد منا ما مضى من عمره.. ولينظر ما قدمت يداه.. من خير وشر..
يا من يعد غداً لتوبته
أعلى يقين من بلوغ غد
المرء في زلل على أمل
ومنية الإنسان بالرصد
أيام عمرك كلها عدد
ولعل يومك آخر العدد

فما كان لك من خير.. فلتحمد الله عليه.. ولتطلب من الله قبوله والتوفيق إلى مثله.. وما كان من شر.. فلتبادر بالتوبة.. ولتعجل بالندم.. ولتسرع بالاستغفار.. فإن الحياة فرصة لن تعود.. يقول عز من قائل : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (الأعراف: 34)..
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه
وإن بناها بشر خاب بانيها

وآخر الكلام..
حياتك أنفاس تعد فكلما
مضى نفس منها انتقضت به جزءا
فتصبح في نقص وتمسي بمثله
أما لك معقول تحس به رزءا
يميتك ما يحييك في كل ساعة
ويحدوك حاد ما يريد بك الهزءا

حدائق ذات أفنان ج1 ( إني مصاب بفيروس!!!)

لي صاحب من خيرة الأصحاب.. أكتم عنده أسراري ولا أخاف الارتياب.. كأني واضعها في سرداب.. لأنه من أولي الألباب.. الشيطان لا يقدر أن يفتح عنده باب.. وكان إذا ألم بي ألم.. أو اعترضني هم.. فزعت إليه على عجل.. وأنا من الأمر وجل.. فأرتوي بنصحه.. وأمتثل لرأيه.. لأن فيه الحكمة والسداد.. وفيه من جميل النصح والإرشاد..
وإذا تصبك من الحوادث محنة
فالجأ بها نحو الصديق الأوثق
وكان لا يفارقني إلا في المنام.. ولكن فراق جسد لأنه دائماً في الأحلام.. حيث روحي دائماً به متعلقة.. ونفسي لا تقدر أن تبتعد عنه لحظة إلا بمشقة.. واللسان من محبته يهذي به.. والقلب من الوله يلهث بذكره.. وأصبحنا مثالاً للصديقين.. وأفضل الأخوين.. لا تعكر جونا المصائب.. ولا نخاف أن يعيبنا عائب..
ما ضاع من كان له صاحب
يقدر أن يصلح من شأنه
فإنما الدنيا بسكانها
وإنما المرء بإخوانه
ولكن في يوم من الأيام.. بعد أن استيقظت من المنام.. ذهبت كعادتي إلى صديقي.. ورفيق دربي وطريقي.. ولكن هالني ما رأيت .. وآلمني ما سمعت .. فقد تغير صاحبي عن الشكل المعهود.. وصارت نفسه تمل معي القعود.. فكلما أذهب إليه أعرض عني.. وكلما أقبل نحوه هرب مني.. لا أدري ما الذي حل به.. وما الأمر الذي أصابه.. وغير هكذا حاله..
كنا وكانوا بأهنا العيش ثم نأوا
كأننا قط ما كنا وما كانوا
هل أتاه فاسق بنبأ وأخبره أني فضحت سره؟!.. أو أنه قال له إني قد شتمته؟!.. أو توقع مني أني خنت عهده؟!.. أو هتكت ستره؟!..
لأية علة ولأي حال
صرمت حبال وصلك عن حبالي
وعوضت البعاد من التداني
ومر الهجر من حلو الوصال
فإن أك قد جنيت عليك ذنباً
ولم أشعر بقول أو فعال
فعاقبني عليه بأي شيء
أردت سوى الصدود فما أبالي
المهم أنه أصبح عنوانه الصد والهجران.. وصرت من أمره حيران.. فقد أوصد الباب في وجهي.. وأشاح بوجه عن وجهي.. وقال هيهات هيهات يا صاح.. فقد انتهى عصر أيام الملاح.. فهذا فراق بيني وبينك.. لا أريد أن أرى وجهك.. وقد حاولت أن أكتشف الأمر.. واستطلع ما جد من أمر..
لا تحسبنَّ سروراً دائماً أبداً
من سرَّه زمن ساءته أزمان
ولكني لم أفلح.. وفي مسعاي لم أنجح.. فكلما أفتح عنده باب.. أغلق دوني أبواب.. وكلما أتقرب إليه بشبر.. هرب عني بمتر.. فأصابني من كثرة الحزن والهم.. مغص أحدث في بطني ألماً كأني أكلت سم.. لهذا لم أذق طعم النوم.. فشكوت همومي للغراب والبوم.. حيث كانا يقفان أعلى الشجرة.. في ليلة مظلمة غير مقمرة.. بعد أن ساورتني الشكوك والظنون.. والتي صرت من كثرتها أحس أني أتكلم وأنا في النوم.. لكنهم لم يقدرا أن يرشداني إلى حل.. ولم يخبراني ما العمل؟!.. وجئت من عندهم محزون.. وأحسست أنه قد أصابني الجنون.. بعد أن أهلكني كثرة الوسواس.. والذي يقف دائماً بالمرصاد للناس.. وأعياني انشغال الفكر.. لكني استعذت منه بذكر.. وقعدت أبحث عن حل.. حتى عقلي مني قد مل..
صديقك حين تستغني كثير
ومالك عند فقرك من صديق
فلا تنكر على أحد إذا ما
طوى عنك الزيارة عند ضيق
وكنت إذا الصديق أراد غيظي
على حنق أشرقني بريق
غفرت ذنوبه وصفحت عنه
مخافة أن أكون بلا صديق
لقد ساءت العلاقة.. وأصابت عملي الإعاقة.. فجلست في داري حيران.. ولم أذهب حتى مع الجيران.. فتذكرت ما كان بيننا من الود.. وكنا كمثل ساعد ويد.. وكنا نسافر الأسفار.. ونعبر المحيطات والبحار.. ونقطع الفيافي والقفار.. ونقتحم الغابات والأدغال.. ونصعد التلال والجبال.. فيا ليت أيامنا القديمة تعود.. إذن لكانت الفرحة تسود..
وما المرء إلا بإخوانه
كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعتاً
ولا خير في الساعد الأجذم
وتمر الأيام والشهور.. وأنا أبحث عن ما يجلب له السرور.. وفي إحدى المرات وجدته حزيناً.. والوجه منه كالح كئيب.. فاستنتجت أن أحداً من أهله قد مات.. أو أنه كان يفكر في الزمان الذي فات.. فدعوت الله اللطف بحاله.. وأن يحفظه هو وماله.. فاقتربت منه وأنا على وجل.. وكلي خوف من سوء العمل.. ولما رأيته لم يغضب لقدومي.. ولم يعبس لرؤية وجهي.. شجعني على الكلام.. وإخراج ما في عقلي من استفهام.. ودار في فكري..
وكنت أظن أن جبال رضوى
تزول وأن ودك لا يزول
ولكن القلوب لها انقلاب
تزول وأن ودك لا يزول
فقلت له : سلام الله عليك يا خل.. جفاك أبداً لا يحل.. هذه الدنيا غدارة.. فيها أيام سارة وضارة.. ولا تستحق أن نحرق فيها الأعصاب.. ولا أن نمزق من أجلها القلوب..
ولربَّ نازلة يضيق بها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكان يظنها لا تفرج
واعذرني على صراحتي في الكلام.. لأني في فعلي هذا لا ألام.. مالي كلما أقبلت إليك أعرضت.. وكلما أردت أن أقابلك أدبرت.. فكأني الوباء وتخشى الخطر.. أو كأني رجل خداع لا أومن من المكر.. فماذا دهاك يا صاح؟!!.. ألم تكن بصحبتي مرتاح؟!.. وما هذا الانقلاب العجيب؟!.. وما هذه القسوة والغضب؟!.. بعد أن كنت سهل العريكة لين الجانب.. أسمعت عني خبراً.. فأصابك منه الضجر.. أم ماذا جد من أمر؟!..
فهبني مسيئاً كالذي قلت ظالماً
فعفواً جميلاً كي يكون لك الفضل
فإن لم أكن للعفو منك لسوء ما
أتيت به أهلاً فأنت له أهل
فقال بعد أن أعياه الإلحاح.. وكان من قولي قد ارتاح.. سامحني يا صاحبي الغالي.. فلم يكن يخطر في بالي.. أن أضعك في هذا الموقف المؤلم.. وتوقعت أن هروبي هو الأسلم.. فإني لم أعرض عنك سوءاً فيك.. ولا لذنب قد اقترفته يداك.. وليس بقول ساقه فلان.. ولا بسبب كثرة الخلان.. ولا أصابني منك الملل.. ولا أصيب أحد من الأهل..
إن الصفا في شرب كل مودة
لم يخل من كدر لمن هو وارد
فقلت له : لقد حيرتني معك يا صاح.. ما الذي يجعلك غير مرتاح؟!.. أخبرني على عجل.. فقد بدأت الأمور تصيبني بالملل.. منذ فارقت صحبتي.. فإني أعيش وحيداً في نكبتي.. فأستحلفك بالله أن تخبرني الحقيقة.. ولا تخفي علي لعلي أجد الطريقة..
فكل الحادثات وإن تناهت
فموصول بها فرج قريب
لقد كان هروبي عنك حرصاً على سلامتك.. وتهربي منك خوفاً على صحتك.. والله أنت في قلبي ولك معزة وقدر.. وحبك في القلب يحوي ما عند البشر..
لله إخوان صحبتهم
لا يملكون لسلوة قلبا
لو تستطيع نفوسهم بعدت
أجسامهم فتعانقت حبا
ولكني ابتليت بفيروس.. وعلى إثره أصابني العبوس.. لقد أكل اللحم والعظم.. ومن شدته سد مجرى الدم.. الأجساد منه بالية.. والفؤاد من هوله يصرخ ماليه.. قد صار جسمي إلى الهزال.. وإذا رأيتني تعتقد أني قد أصابني الهبال.. لا أدري ما العمل.. حاولت أن أبحث عن الحل.. لكني لم أجد العلاج.. وعقلي من شدة المرض قد ماج.. ففكرت في الانتحار.. ولكني خفت العار.. وأن يرميني ربي في النار.. ثم فكرت في الاختباء.. حتى لا تعلم بالبلاء.. لكي لا أكدر صفوك.. ولا أوأد جمال ابتسامتك.. فهذا كان سبب هروبي.. ولو لم تطلب مني الإفصاح.. حتى أجعلك ترتاح.. لم أخبرك بمرضي.. وما أعانيه من الآلام التي تسري في جسدي.. فأرجو منك العفو السماح.. عن كل أمر بدر مني وراح.. وبعدما تذكرت قول الشاعر..
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيباً
كاسفاً باله قليل الرجاء
فقلت له : سامحك الله يا خل.. ما هذا العمل الذي لا يحل.. ألهذا الدرجة تكون الصداقة.. لو أخبرتني لساعدتك حسب الطاقة.. أتكون الصداقة في المسرة.. وتنتهي عند وقوع المضرة.. هذه صداقة اللئام..لا يرضاها الإسلام..
ولست بباد صاحبي بقطيعة
ولست بمفش سره حين أغضب
عليك بإخوان الثقاة فإنهم
قليل دون من كنت تصحب
وما الخدن إلا من صفا لك وده
ومن هو ذو نصح وأنت مغيب
والحمد لله على الإنابة.. وخروجك من جو الكآبة.. وأدعو الله بشفائك العاجل.. وأن يبعد عنك الهموم والملل.. فهو يسمع ويجيب.. لكل عبد منيب.. ونصيحتي من الفؤاد لك.. أن لا تعود لمثل ذلك.. فوالله قلبي لا يحتمل فراقك.. وعقلي لا يستطيع هجرانك.. هذا ما أردت أن أقول.. فاعذرني إذا كان عذري مقبول.. وأختم كلامي بالسلام على خير البشر.. وآله وصحبه الكرام البرر.. سبحان رب العزة عما يصفون.. وسلام على المرسلين.. والحمد لله رب العالمين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
شيئاً لو بكت الدماء عليهما
عيناي حتى تأذنا بذهاب
لن تبلغ المعشار من حقيهما
فقد الشباب وفرقة الأحباب



ملحوظة :
هذا المقال.. تخليداً لذكرى (الكمبيوتر) الخاص بي والذي أصابته المنية بسبب فيروس عضال قضى على مقومات الحياة فيه كما قضى معه على جهد وعمل شاق وملفات لا تقدر بثمن فهي تمثل فترة زمنية من حياتي..

حدائق ذات أفنان ج1 ( قالت : من أنبأك هذا؟!!!)

أخبرها في يوم من الأيام بخبر.. وقال لها : اكتمي هذا عن البشر .. والله لا أفلح إن علم لصوص الخبر.. واحذري من أصحاب المكر.. فمكرهم لا يبقي ولا يذر.. وإياك وعين الحسود.. فإنها ترى مالا يراه المجهر.. فكوني في كتمه مثل الحجر.. لا يسمع ولا يتكلم ولا يبصر.. وإياك والاغترار بالمظهر.. فالأفعى ملمسها ناعم.. ولكن في أنيابها الضرر.. هذه نصيحتي والله بيننا يسمع ويبصر..
فلا يسمعن سري وسرك ثالث
ألا كلَّ سر جاوز اثنين ضائع

فقالت له : لا تخف يا أعز البشر.. فالخبر في بئر ليس له قعر.. ولا تهتم من هذا فإني والله في كتمه مثل القلم الذي انتهى منه الحبر!!.. ففي أمان الله سر.. وفي عملك لا تتأخر..
وأكتم السر حتى عن إعادته
إلى المسرِّ به من غير نسيان
وذاك أن لساني ليس يعلمه
سمعي بسرِّ الذي قد كان ناجاني

وقد أخبرها بذلك بعد صلاة الظهر.. ولم تتجاوز صلاة العصر .. حتى علم أن الخبر قد انتشر .. فذهب إليها غاضباً وليستفسر الخبر.. وليجد الداعي لإخلاف الوعد وما جد في الأمر.. وقد استطار من عينيه الشرر.. وساورته الشكوك والظنون والتي عقله منها قد سكر.. ورأسه قد كاد ينفجر.. وهو في طريقه تذكر قول أحد أصحاب الشعر :
إن النساء كأشجار نبتن لنا
منها المرار وبعض النبت مأكول
إن النساء متى ينهين عن خلق
فإنه واجب لابدًّ مفعول
لا ينصرفن لرشد إذ دعين له
وهنًّ بعد ملائيم مخاذيل
وما وعدنك من شر وفين به
وما وعدنك من خير فممطول

ولما وصل إليها رأته مشتت الفكر.. ولمحت في وجهه الشر.. وعرفت أن الغضب حان وقته لكي ينفجر.. فساورتها الشكوك والظنون لكنها عالجتها بالصبر.. وحاولت بفطنتها أن تعرف ما الذي أوجب الضجر!!.. فعاجلها بالسؤال مستغرباً من فعلها الخطر.. وما سبب خبره على الملأ ظهـر؟!.. وقال لها : هل هكذا في زمانكم يفعل الحُـر؟!.. أم أن الأسرار في يومنا هذا تقدر حسب السعر؟!!.. ثم دار في خاطره قول الشاعر :
إذا المرء أفشى سره بلسانه
ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق

فقالت له : والارتباك عليها قد ظهر.. ولا تتميز الحروف من نطقها والعرق يقطر من جبينها كأنها في يوم شديد الحَر.. من أنبأك بهذا وبالسر المستتر.. ألديك علم بالكتاب أم أنك تتعامل بالسحر؟!!..
فقال لها : ليس هذا وقت المكر.. وكما تعلمين فإني لا أتعامل بالسحر.. ولكني أقول :
لكل داء دواء يستطب به
إلا الحماقة أعيت من يداويها

فدعي عنك هذا الهذر.. لقد كشف الله خيانتك لشريك العمر.. وفعلتِ ما فيه نكر.. ولا ينفع اليوم اللوم أو العذر.. ولا ينفع الجبر للذي انكسر.. ويا ليتني كنت في القبر.. حتى لا أعلم بأن الذي خانني هو شريك العمر.. ولكن لا تنفع لو ولا يا ليت ولا الحذر من القدر.. لقد هلكت مثل فعلكِ كثير من الأسر.. فتوبي إلى الله من فعلكِ فإنه خير معين لمن تاب واستغفر..
وجنة المأوى تكون مأوى
لمن نهى النفوس عما تهوى
وقلل الكلام فالكلام
أن يكثرن تكثر به الآثام

فقالت : استغفر الله مما قل منه أو كثر.. واعذرني فقد خانني اللسان ولم ينفع الحذر.. والنفس والهوى اللتان توقعان اللبيب في الأسر.. ولم يكن قصدي من عملي هذا أن ألحق بك الضرر.. ولا أتلذذ بفعل الشر.. إنما جهلي وضعف ذاكرتي هو الذي أرداني في الحفر.. فاعذرني فقد سبق السيف العذل.. وإني والله لم أخبر بهذا الأمر إلا قليلاً من البشر؟!!.. وكان في مجلسنا الشيطان قد حضر.. وكما تعلم فالنساء في مجالسهن كثيرات الهذر.. ولم أتوقع بفعلي الأشر.. أن الخبر بهذه السرعة سينتشر.. ولكن..
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب

فقال : ما أقبحه من عذر.. لقد هلك من فعلكن أولوا البصر.. ثم سألها.. أكل الناس هكذا من أنثى وذكر؟!!.. أم أن الأمور في زماننا هذا قد تغيرت وإني في عصر لا يكتم الخبر.. وأصبح الناس غير مؤتمنين سواء في الحل أو في السفر.. أم أنه قد طمست البصائر وقدت القلوب من حجر.. أواه لقد قضت الخيانات في هذا العصر على الشجر والمدر..
لا تركنن إلى ما لا وفاء له
الذئب من طبعه أن يقتدر يثب

فقالت : أستغفر الله عن كل أمر قد صدر.. ودع عنك اللوامة واقبل مني العذر.. فالله يعطي الثواب للذي قد غفر.. وهذا مقام العائذ التائب عند واسع الصدر..
خذ من خليلك ما صفا
ودع الذي فيه الكدر
فالعمر أقصر من معا
تبة الخليل على الغير

فسامحها للذي قد كان منها قد بدر.. وذكرها بالإله وكيف على الشيطان تنتصر.. وأخبرها بالمواثيق وما بينهم من العهود.. وقال لها : أن الوعد دين على الحر.. وذكرها ببعض آي من السور.. وأن الله عليم ما في النفوس ولو حاول أي إنسان أن يخفي ما في الصدر.. ولم ينسَ أن يذكرها من كلام خير البشـر.. وذكـرها بما جـاء في السيـر.. وذكـرها أيضـاً بقصـص الصالحين لعلها تعتبر.. وحذرها من الصائدين في الماء العكر.. ومن أصحاب اللسان السليط الذين همهم توقيع البشر.. وذكرها بأن حياتهم هذه ليست إلا متاع الغرور لا يسلم منها إلا من كان على حذر.. وحذرها من النار ومن مس سقر.. ولم ينسَ أن يذكرها بالساعة لأن الساعة أدهى وأمر.. فالإنسان في يومها يكون على مشارف الخطر.. فينبأ الإنسان هنالك بما قدم وأخر.. فإن كان قد خالف السميع البصير.. فيقول الإنسان يومئذ أين المفر.. كلا لا وزر.. إلى ربك يومئذ المستقر.. ومأواه جهنم وبئس القعر.. وما للظالمين من نصر.. وأما إن كان قد انتهج منهج الرحيم الخبير.. واتبع مسلك صاحب الكوثر.. وانتهج سيرة أبي بكر وعمر.. فمأواه جنة لا تخطر على قلب بشر.. ولا يتخيلها وهم ولا فكر.. جزاء بما قدم وأخر.. وذكر لها أبياتاً من الشعر:
الصًّمت للمرء حليف السلم
وشاهد له بفضل الحكم
وحارس من زلل اللسان
في القول إن عيًّ عن البيان
فعذبه معتصماً من الخطا
أو سقط يفرط في ما فرطا
إنًّ السكوت يعقب السلامة
فرب قول يورث الندامة
لا شيء من جوارح الإنسان
أحقُّ بالحبس من اللسان
إنًّ اللسان سبع عقور
إن لم يسُسْه الرأي والتدبير

وفي نهاية الأمر قرر أن لا يخبرها بسر يتوقع في إفشاءه خطر.. من مادام له بقية من عمر.. ولو شعر أن عقله من السر يكاد ينفجر.. أو أحس أن قلبه قد تضجر.. ولابد من إخراج ما كان في الصدر.. لأن جسمه على تلك الحالة لن يستقر.. فأحب الأشياء إليه للجبال أن يفر.. وأن يخرج ما كان في صدره من سر.. ولا يطلع أحداً من البشر.. حتى لا يقع مرة أخرى في خطر.. ولا يعني هذا أنه لم يسامحها ولكنه حتى يكون على حذر.. والمؤمن لا يلدغ مرتين من جحر.. متمثلاً بقول الشاعر :
فلا تودعنًّ الدهر سرك جاهلاً
فإنك إن أودعته منه أحمق
وحسبك في ستر الأحاديث واعظاً
من القول ما قال الأديب الموفَّق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السِّرَّ أضيق

وفي ختام حديثهم دعوا الله أن يغفر لهم خطاياهم في السر والجهر.. وما تقدم من ذنبهم وما تأخر.. وقالوا في مجمل دعائهم.. ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار.. ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار.. ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. إن الله على كل شيء قدير.. وبالإجابة جدير.. نعم المولى.. ونعم النصير..
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يصمد إبليس عابد
فكيف وقد أغرى صفيك آدما


إضاءة :
إن الله سبحانه وتعالى عبر عن الحياة الزوجية باللباس قال تعالى واصفاً ذلك : { هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن } (البقرة : 187).. واللباس في حقيقته لا يستغني عنه الإنسان في هذه الرحلة الشاقة.. رحلة الحياة.. فهو الذي يحول بينه وبين وقدة الصيف ولفحة الشمس.. وهو الذي يدثره ويبعث الدفء في أوصاله في ليالي الشتاء القارصة.. وهو فوق ذلك يستر تشوهات الجسم وعيوبه بالنسبة لكل منهما فلا تمجهما العيون أو تنفِّر منهما الآخرين..
وهو بالنسبة للمرأة ستر ووقاية أيضاً يستر محاسنها ومفاتنها ويقي جسدها من عيون الرجال المتلصصة ومن في قلوبهم مرض.. وإذا كان هذا بالنسبة للباس .. فماذا بالنسبة للرجل والمرأة في حياتهما الزوجية؟!!..
إن كلاً منهما ستر الآخر.. ستر لأقواله وأفعاله.. وحفظ لأسراره وما يخفيه.. فالمرأة ستر للرجل ووقاية.. عندما يوشك أن تغلبه الإرادة.. والرجل ستر للمرأة وصيانة عندما تغلبها العاطفة ويسيطر عليها الضعف الأنثى.. فمن مقومات وشروط الحياة الزوجية المحافظة على حياتهم وحقوقهم فيما يدور بينهم من أسرار ومواقف فلا ينبغي أن يطلع عليها أي أحد من البشر أو أقرب الناس إليهم..
وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <<ألا عسى أحدكم أن يخلو بأهله يغلق باباً.. ثم يرخي ستراً.. ثم يقضي حاجته.. ثم إذا خرج حدث أصحابه بذلك!!.. ألا عسى إحداكن أن تغلق بابها.. وترخي سترها.. فإذا قضت حاجتها حدثت صواحبها!!>>.. فقالت امرأة سعفاء الخدين : والله يا رسول الله إنهن ليفعلن.. وإنهم ليفعلون؟!!.. قال: << لا تفعلوا.. فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة على قارعة الطريق.. فقضى حاجته منها.. ثم انصرف وتركها>> فالنهي في الحديث الشريف ينطبق على الرجال والنساء كحد سواء من دون النظر إلى الجنس فقد تجد تارة الرجل هو الذي يكشف أسرار الحياة الزوجية لأصحابه وخلانه وتارة أخرى المرأة هي التي تكشف أسرار الحياة الزوجية لصويحباتها فالجنس لا يدل بالضبط على حفظ الأسرار أو كشفها..
فينبغي أن ينظر الزوجان إلى ما يحدث بينهما.. في داخل بيتهما.. على أنه من الأسرار التي يجب كتمانها.. وخصوصاً الخلافات الزوجية التي تقع بينهما.. لأن معرفة الآخرين بتلك الخلافات قد يؤججها ويؤزمها بدلاً من أن يخففها ويحلها..

حدائق ذات أفنان ج1 ( عندما تتغير المفاهيم فواخراب الدار؟!!)

هناك من الأمور.. في هذه الحياة.. تحير العقلاء.. ويستغرب منها الحكماء.. ويبكي عليها الفضـلاء.. ويغتـم منها النبلاء.. ولا يرضاها العظماء.. ويحاربها الخطباء.. أمور تحدث في هذه الحياة الفانية.. يخترعها السفهاء والحقراء.. ويستسيغها البؤساء والجهلاء.. ويعمل بها البلساء والخبثاء.. وتحت مرأى ومسمع البسطاء.. فإذا تصفح الإنسان الجريدة.. أو قرأ إحدى المجلات.. أو فتح على المذياع.. أو شاهد التلفاز.. أو اطلع على الإنترنت.. ليجد أن هناك مفاهيم قد تبدلت.. وقيماً قد تبخرت.. وأخلاقاً قد تميعت..
وليس بعامر بنيان قوم
إذا أخلاقهم كانت خرابا
فلا أدري.. هل هي مقصودة من أصحابها.. لتدمير هذا الدين.. واللعب على السذج والبسطاء من هذا المجتمع؟!.. أم أنه الجهل التام بالدين أدى إلى الفهم الخاطئ له؟!.. ومثال على ذلك..
إذا نجح فلم هابط.. أو مسرحية مائعة.. أو أغنية ماجنة.. ورفع الممثل أو المطرب إلى القُمة.. فصرح هناك في نشوة الفوز.. ولذة النصر.. أن السبب الأول في نجاحه.. يعود إلى توفيق الله له.. فلولا الله لم ير النور فلمه.. ولم يشاهد الجمهور بطله.. فله الفضل والمنة.. ودعا الله أن يوفقه في الأفلام القادمة.. لنصرة الفن.. وتثقيف الناس؟!.. فهذا يعتبر عملاً وجهاداً!!.. لتبليغ الكلمة.. حتى يطلع عليها الأجانب والمثقفين من الدول الأخرى.. فيتحققوا بأننا أمة متقدمة ومتطورة!!.. ولها باع طويل في هذا المجال.. لا أمة متخلفة معقدة.. تختفي نساؤهم وراء البرقع والحجاب!!.. فالفن.. يعتبر رسالة.. وأنبل رسالة عرفها التأريخ.. وبالأخص التأريخ الحديث.. ويجب أن نؤديها على أكمل وجه.. وأرقى مستوى.. إلى آخر ما قاله من وقاحة وقلة حياء.. وإلى آخر ما نفثه من سموم وجراثيم.. وإلى آخر ما هذى به من أباطيل وأضاليل.. فما سبب تغير المفاهيم؟!
إذا لم تبك من هذي الرزايا
ولم تفجعك قاضية القضايا
فمت كمداً فما في العيش خير
إذا جمع البرايا كالمطايا

إذا انتهت بغي من بغيها.. وخلصت من مجونها.. وانتهت من عربدتها.. وقامت واغتسلت من فجورها.. وذهبت إلى محرابها.. لتعبد هناك ربها.. فيما بقى من ليلها.. فلا أدري.. هل هي عبادة شكر بعد إتمام مهمتها بنجاح؟!.. أم أنه الدعاء لزيادة الأرباح في اليوم التالي؟!.. فما سبب تغير المفاهيم؟!..
فيا موت زر إن الحياة ذميمة
ويا نفس جدِّي إن دهرك هازل

إذا انتهى رجل من اغتصاب أرض.. أو انتهاك عرض.. أو سرقة مال.. توضأ وذهب إلى المسجد.. شاكراً ربه.. بانتهاء مهمته.. طالباً المزيد.. وسائله العون والتأييد.. على هؤلاء العبيد؟!.. فما سبب تغير المفاهيم؟!..
أيا شاباً لرب العرش عاصي
أتدري ما جزاء ذوي المعاصي
سعير للعصاة لها زفير
وغيظ يوم يؤخذ بالنواصي
فإن تصبر على النيران فاعصه
وإلا كن عن العصيان قاصي
وفيما قد كسبت من الخطايا
رهنت النفس فاجهد بالخلاص

إذا سئل مطرب أو مطربه.. عن سر نجاحه.. وزيادة أرباحه.. وما وصفة فلاحه.. وما سبب أن الناس منه مرتاحة.. وما سبب تربعه على الساحة.. أجاب بكل وقاحة.. هذا من فضل ربي؟!.. فما سبب تغير المفاهيم؟!..
كذا فليجل وليفدح الأمر
فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

قد سئلت يوماً ما راقصة.. عن حكم الرقص والاستعراض.. فأجابت وبكل وقاحة بما يدعو إلى الاستغراب.. بأنه عمل مثل أي عمل في الحياة.. كعمل الطبيب أو المهندس.. فأنا أعمل ولي الأجر بإذن الله.. فالله ورسول قد حضنا على العمل!!.. وأمرنا به.. وعملي ليس فيه حرام؟!!!.. وليس فيه أي تفسخ أو تهتك؟!!!.. وإني بعد انتهائي من عملي هذا.. وفراغي من عرض فقرتي.. وانتهائي من أداء استعراضي.. أذهب إلى غرفتي.. وأغلق باب صومعتي.. فأؤدي واجبات ربي.. فأصلي وأقرأ القرآن.. وأعبد ربي باقي الليل حتى طلوع النهار؟!..
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان

فلا أدري عن باقي يومها.. فلم تخبرنا فضيلتها عن ذلك حتى يقتدي بها الجيل!!.. ويسلك خطاها الشباب الحائرون.. ولا أدري أيضاً كيفية العبادة التي تعبدها؟!!.. إن كانت من الصادقين!!.. وهل يكون هناك بقايا لليل؟!.. أو هل هناك عقل بعد أداء الاستعراض؟!.. وهل بروز مفاتنها أمام الناس يسمى عملاً شريفاً!!.. وتؤجر عليه فاعلته؟!.. وما هذا التخبط والخلط بين الخير والشر.. وبين الصالح والطالح؟!.. أهي سذاجة في الفهم؟!.. أم عباطة في الاستيعاب؟!..
وإذا النساء نشأن في أمية
رضع الرجال جهالة وخمولا

وهل هذا المجون والتهتك.. والتعري والتفسخ.. يقارن بالعمل الشريف الذي يقوم به الطبيب في عيادته؟!.. أو المهندس في موقع عمله؟!.. وما المردود الإيجابي في عملها هذا.. وما الفائدة المرجوة منه.. سوى أنها تضم بين جنبيها مجموعة من السكارى والعرابيد.. وقليلي الحياء والدين.. والقيم والأخلاق.. والعفة والفضيلة.. ومن أخبرها أن عملها هذا حلال!!.. أم أصبحت الراقصات مفتيات هذا العصر!!.. فتحلل وتحرم ما شاءت!!.. فقد وصلت من العلم ما يؤهلها بأن تقف في موقع الإفتاء!!.. وتصدر الأحكام متى تشاء.. فما سبب تغير المفاهيم؟!..
إذا ما الجهل خيم في بلاد
رأيت أسودها مسخت قروداً

فكما ترى أخي القارئ.. هذا هو حال أمتنا.. وهذا هو الفكر السائد.. وهذه هي الأفكار التي تنتشر بين شبابنا.. جهل في الدين والمعتقد.. تميع في الأفكار.. تفسخ من القيم والأخلاق.. تهتك في السلوك واللباس.. خواء من التربية..
يا ناظراً يرنو بعيني راقد
ومشاهداً للأمر غير مشاهد
منَّيت نفسك ضلَّة وأبحتها
طرق الرجاء وهن غير قواصد
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي
درك الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدماً
منها إلى الدنيا بذنب واحد

ولقد ذكرت لكم هذه الأمثلة للتوضيح فقط.. ولو ذكرت بقية الأمثلة.. لطال بنا المقال.. ولتشعب بنا الحديث..
عجبت والدهر لا تفنى عجائبه
للراكنين إلى الدنيا وقد صدقوا
وطال ما نغصوا بالفجع ضاحية
وطال بالفجع والتنغيص ما طرقوا
دار تغر بها الآمال مهلكة
وذو التجارب فيها خائف فرق
يا للرجال لمخدوع بزخرفها
بعد البيان ومغرور بها يثق
أقول والنفس تدعوني لباطلها
أين الملوك ملوك الناس والسوق
أين الذين إلى لذاتها ركنوا
قد كان فيها لهم عيش ومرتفق
أمست مساكنهم قفراً معطلة
كأنهم لم يكونوا قبلها خلقوا
يا أهل لذات دار لا بقاء لها
إن اغتراراً بظل زايل حمق

ولكني اكتفيت بهذا القدر.. فقد أحسست بالألم والحزن.. وشعرت بالضيق والهم.. ولكني في نهاية الأمر أقول : فواخراب الدار من عربدة الأشرار في بيوت الأخيار؟!!..
البيت لا يبتني إلا له عمد
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمع أوتاد وأعمدة
وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن تولت فبالأشرار تنقاد
إذا تولى سراة القوم أمرهم
نما على ذاك أمر القوم فازدادوا

حدائق ذات أفنان ج1 ( هل الاختلاف في وجهات النظر يفسد للود قضية؟!!)

قيل: "أن اختلاف العلماء رحمة ".. طبعاً ما لم تتحكم فيهم الأهواء.. وتتدخل في أمرهم الرغبات.. وتسيطر على نفوسهم المصالح.. ويكبلهم الغرور وحب الذات.. وهذا ما يسمى بالاختلاف المحمود.. فكل شخص يحترم ويقدر وجهة نظر الآخر.. مادام يستند إلى دليل.. أو يحتكم إلى قاعدة تثوب به إلى الصواب.. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم.. يختلفون في كثير من المسائل الفرعية.. التي لم ينزل بها دليل قاطع.. يرجح كفة أحدهم على الآخر.. ولكنهم رغم ذلك.. لا يؤدي اختلافهم هذا.. إلى التباغض والتناحر.. والشقاق والتكفير.. لأنه كل واحد منهم.. يحترم وجهة نظر الآخر.. مادام لم يخالف نصاً صريحاً.. أو دليلاً ثابتاً.. فلا يحتقره.. أو يستهزأ برأيه.. أو يتهجم عليه.. أو يتهمه في خلقه ودينه.. وعاشوا أخوة متحابين متآخين.. لا يعرف الشقاق إلى قلوبهم مسلكاً.. ولا يعرف الخلاف إلى عقولهم طريقاً..
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر
ضلَّ قوم ليس يدرون الخبر
وتمر السنوات والقرون .. حتى أتى بعدهم قوم.. خالفوا ما كان عليه أولئك الأخيار.. فقدسوا مشايخهم.. ونزهوا أنفسهم بأنهم لا يخطؤون.. ولم يكتفوا بذلك.. بل إنهم يكفرون من خالف رأيهم.. ويتهجمون على من لم يعترف بصحة قولهم.. فصار التكفير مذهبهم.. وصار اللعن مسلكهم.. وصار إشعال الخلاف منهجهم.. والتفريق بين المسلمين مبدأهم.. والطعن في الدين هدفهم.. لهذا عم الجهل.. وحدث الشقاق .. وصار الخلاف.. وتشتت الناس في كل فج..
والحق يعلوا والأباطيل تسفلوا
والحق عن أحكامه لا يسأل
وإذا إستحالت حالة وتبدلت
فالله عز وجل لا يتبدل
ففي زماننا هذا.. أرى أن الاختلاف في وجهات النظر.. في هذا الزمن.. الذي استطار في هشيمه الفساد.. وعمت الفوضى أنحاء البلاد.. وخارت القيم والأخلاق.. وتبدلت المبادئ والأفكار.. فانساخ الناس في مغاور الجهل.. وبحور الظلمات.. فالاختلاف في هذا الزمن.. يعتبر اختلاف مذموماً.. لأن النفوس غير النفوس التي في زمن الصحابة الكرام.. والعقول غير العقول.. والأهداف غير الأهداف التي نادى بها الصحابة.. فهذا الاختلاف وفي هذا الوقت بالذات.. سيزيد من التصدع والانشقاق.. وتزيد من التفكك والانقسامات.. وسيزيد من التشرذم والتشتت.. وسيزيد من الشقاق والنزاع..
صوت الشعوب من الزئير مجمع
فإذا تفرق كان بعض نباح

فالناظـر إلى الأمـة الإسلامية.. في عصـرنا الراهـن.. سيعتصر ألمـاً.. ويبكي دماً.. ويستدعي أسف اللبيب وحسرته.. بعد أن نزلت هذه الأمة إلى ميدان الشقاق والنزاع.. والتخاصم والتلاعن.. متجاهلة ما فرض الله عليها من الوحدة والوئام.. والألفة والانسجام..
تأبى العصي إذا اجتمعت تكسراً
وإذا افترقت تكسرت آحادا

ألم يأمرها الله بذلك في محكم كتابه.. بقوله : { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران:103) .. وقوله: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات: 10) .. وقوله { فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (الأنفال: 1)..
أخوك أخوك من تدنو وترجو
مودته وإن دعي استجابا
إذا حاربت حارب من تعادي
وزاد سلاحه منك اقترابا
يواسي في الكريهة كل يوم
إذا ما مضلع الحدثان نابا
ألم يحذرها من عاقبة التفرق.. بقوله : { وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الأنفال: 46).. وقوله : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (آل عمران : 105)..
الحق سهم لا ترشه بباطل
ما كان سهم المبطلين سديدا

ألم يبعث فيها نبياً كريماً.. ورسولاً أميناً.. يدعو إلى وحدة الكلمة.. ولم الصف.. وجمع الشمل.. { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة: 5).. فضرب أروع الأمثال.. بصهر كل ما كان من قبل بين قومه.. من خلاف ونزاع.. في بوتقة الإيمان.. فآخى بالإيمان بين الفئات المتناحرة.. وألف بالإسلام بين القلوب المتنافرة.. وبيَّن أن هذه الوحدة.. هي وحدة عقيدة.. وعمل.. ومبدأ.. وغاية.. وأمل.. وطموح.. وصور ذلك أبدع تصوير.. عندما قال : <<المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا >>(صحيح مسلم [2585] ج4 ص1999) .. وقال : << مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى>> (صحيح مسلم [2586] ج4 ص1999)..
إن الصديق الحق من كان معك
ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك
شتت فيه شمله ليجمعك

أليست هذه الوحدة الإيمانية التي نادى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ورفع لواءها بين أصحابه رضي الله عنهم.. وهي التي رفعت من شأن هذه الأمة.. فأبدلها الله بذلها عزاً.. وبضعفها قوة.. وبتشتتها وحده.. فتمكنت من فتح الدنيا.. مع قلة عددها وعدتها.. وكثرة خصومها.. ووفرة العُدَدِ عندهم؟!.. { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } (البقرة : 249)..
ملكنا هذه الدنيا قرونا
وأخضعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء
فما نسي الزمان ولا نسينا
حملناها سيوفاً لامعات
غداة الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوماً
رأيت الهول والفتح المبينا
وكنا حين يرمينا أناس
تؤدبهم أباة قادرينا
وكنا حين يأخذنا ولي
بطغيان ندوس له الجبينا
تفيض قلوبنا بالهدى بأساً
فما نغضي عن الظلم الجفونا

وهنا أسئلة تطرح نفسها.. ما سبب تمزق الأمة الإسلامية إلى دول ودويلات؟!.. وما سبب تمزق الدولة الواحدة إلى مذاهب وفرق؟!.. وما سبب تشتت المجتمعات إلى جماعات وأحزاب؟!.. وتمزق الجماعات إلى أفراد؟!.. وما سبب سيطرة النعرة القبلية على أبناء الشعب الواحد؟!.. وما سبب الحروب الطاحنة بين أبناء الأب الواحد؟!.. وما سبب الشقاق والنزاع بين أمة الإسلام؟!..
وما فتئ الزمان يدور حتى
مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي
وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر
سؤال الدهر : أين المسلمونا؟

أليس هذا بسبب الاختلاف في وجهات النظر.. فبعد أن تشعبت الآراء.. وتدخلت الأهواء في معالجة الأمور والقضايا بين المسلمين.. دون أن يكون هناك مستند أو مرجع يرجع إليه المتخاصمون.. أو المختلفون في الرأي أو المسألة.. بعد أن ركن القرآن.. وأهملت السنة.. واندثر رسم الصحابة.. وأصبح أي حكم في قضية ما.. يسبقه التسرع والاندفاع والعجلة.. سواء في إصدار حكم بتخطئة شخص أو مجموعة.. أو عرض رأي أو فكره..
أقل ما في سقوط الذئب في غنم
إن لم يصب بعضها أن ينفر الغنم

وهذا لا يؤول إلا إلى صدع جدار الأمة.. وتمزيق شملها.. بكثرة المهاترات.. والحلول العقيمة.. ووجهات النظر السطحية.. والتي تسيطر عليها الأهواء.. والرغبات الجامحة.. فيكثر تبادل الاتهامات والشتائم بين الأخوة.. فكل واحد يخطئ الآخر.. والكل يدعي الصواب.. والكل متمسك برأيه.. كأن رأيه صواب لا يحتمل الخطأ.. ورأي غيره خطأ لا يحتمل الصواب.. دون الرجوع إلى دليل واضح.. ليعتمد على وجهة نظره.. أو برهان ساطع.. يستند به على صحة رأيه.. وإنما أتباع هوى النفس والشيطان.. والتكالب على الحظوظ العاجلة..
وقد عجبت لقول "إننا عرب"
وواقع الحال ينفي "أننا عرب"
فلا رغيف إذا جمعنا يوحدنا
ولا على الماء يصفو بيننا العتب
الزار والعار والأوتار تعرفنا
والعزف والقصف والإدبار والهرب

وقد حذرنا الله ورسوله من ذلك.. حيث قال الله تعالى آمراً سيدنا داود عليه السلام: { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (ص: 26) ..
والعقل والحق يحرران من
رق الهوى ويدعوان للعلا

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : << ثلاث مهلكات وثلاث منجيات وثلاث كفارات وثلاث درجات فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه>> (المعجم الأوسط :ج6 ص47).. وصدق الشاعر حين قال:
وآفة العقل الهوى فمن علا
على هواه عقله فقد نجا

إن تبادل التهم.. وتخطئة الآخرين.. والتعصب لرأي أو لفكرة.. وعد م التنازل عن رأيه أو وجهة نظره.. بعد أن يرى أنه على خطأ.. تعتبر مهاترات لا تصل إلى نتيجة.. ولا تستنبط الحلول.. ولا تعالج الواقع.. ولا تحل المشكلة.. وإنما تزيد من التردي والانحطاط.. وتزيد من النفور والابتعاد.. وتزيد من الشقاق والنزاع.. فإذا أردنا أن يكون الاختلاف حميـداً وصحـياً.. فعلينا أن نبعـد الأنانيـة من نفوسنـا.. والانفعالات العاطفية.. والأهواء النفسية.. عند عرض المسائل المطروحة.. والقضايا المعروضة.. حتى يكون للنقاش جدوى.. ولعرض القضية معنى.. وليكن لنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل.. وأسوة حسنه.. وبهذا.. ستجتمع الأمة الإسلامية على كلمة واحدة.. وهدف واحد.. وغاية واحدة.. بعد أن تشعبت بهم الخلافات.. وفرقتهم الآراء.. وشتتهم الغايات والأهداف..
إن يختلف نسب يؤلف بيننا
دين أقمناه مقام الوالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا
عذب تحدر من غمام الواحد

فتوحد الأمة الإسلامية ممكن عقلاً.. مستحيل عادة!! .. وإذا أراد الله أمراً كان.. { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (الأنفال: 63).. فعليهم أن يعودوا إلى ما صلح به أولهم { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (آل عمران:19) .. فإذا عادوا إلى الإسلام.. وأجابوا إلى هذه الخصلة العظيمة.. ذهب عنهم حب النفس.. واتباع الهوى.. وذهب عنهم الشقاق والنزاع.. وذهب عنهم الخلاف والعداوة.. وذهب عنهم الغل والحسد..
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس

لأن الحكم موجود بكتاب الله.. وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. وإن اختلفوا بعد ذلك.. فإن اختلافهم يصبح اختلافاً حميداً لا خوف منه. هذا ما بدا لي في هذه المسألة.. والله الموفق لما فيه خير..
من لم تفده عبر أيامه
كان العمى أولى به من الهدى