السبت، 19 سبتمبر 2009

من قبائل ضنك ( قبيلة المربوعي )

قبيلة المربوعي إحدى قبائل ولاية ضنك ، قليلة العدد ، لها تاريخ عريق ، سطرت مآثر ومحامد لا يبليها تعاقب الأيام وتغير الأحوال ، تتمركز في ( الوسطى ) من ولاية ضنك ، بالقرب من حصن الإمام ، ذلك الحصن الذي كان المركز الإداري لهذه الولاية ، لا أدري لمن تنتسب ، دخلت في حلف قبيلة النعيم في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ، يعدهم البعض منهم ، وإن كان الأمر بخلاف ذلك ، فهم قبيلة مستقلة بذاتها، لها مناطقها الخاصة بها وأفلاجها وحصونها وبروجها.
برز منها العديد من الفقهاء والأدباء والشعراء الذين أسهموا في الحياة العلمية والثقافية في ولاية ضنك بصورة خاصة وفي عمان بصورة عامة .
كما تبوأ بعضهم مناصب سياسية عليا في عصر الإمامة اليعربية ( 1034هـ ـ 1162هـ ) ومن هؤلاء العلماء ما يلي :
1- الشيخ الفقيه محمد بن ربيعة بن زيد بن درع بن علي المربوعي الضنكي ، من أعلام عمان في القرن الحادي عشر الهجري ، وهو والد الشيخ الفقيه الأديب سليمان بن محمد بن ربيعة المربوعي .
2- الشيخ الفقيه سليمان بن محمد بن ربيعة المربوعي الضنكي ، من علماء عمان في النصف الثاني من القرن الحادي عشر والنصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري ، ولد في بلدة ضنك في عصر الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي ( 1059هـ/ 1649م - 1090هـ/1679م) درس الشيخ سليمان على يد العلماء المعاصرين له وما فتئ يدرس ويتعلم ويزاحم العلماء بالركب حتى ارتقى في سلم درجات العلم فأصبح من أكابر فقهاء عمان ومن الذين يشار إليهم بالبنان .وعندما تفيء هذه المرتبة من العلم استدعاه الإمام سيف بن سلطان اليعربي إلى نزوى وظل بها حتى وفاة هذا الإمام عام 1123هـ حيث اجتمع فقهاء وعلماء عمان برئاسة الشيخ العلامة عدي بن سليمان الذهلي واتفقوا على عقد الإمامة على ولده الإمام سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي وقد كان الشيخ سليمان بن محمد من الذين عقدوا بيعة الإمامة لهذا الإمام .حيث يقول الشيخ العلامة نور الدين السالمي نقلاً عن الشيخ الصبحي ما يلي : " وكان المتولي للعقد عدي بن سليمان وخلف بن محمد وسليمان بن محمد وكلهم ثقاة فقهاء " ) ( تحفة الأعيان ج2 ، ص 117 )لقد تبوأ الشيخ سليمان بعض المناصب السياسية في الدولة اليعربية حيث عينه الإمام سلطان بن سيف بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربي ( 1123هـ/1711م – 1131هـ/1719م) واليا على مدينة نزوى وذلك بعد أن انتقل الإمام سلطان إلى مدينة الحزم حيث يقول الشيخ المؤرخ السالمي أثناء حديثه عن إمامة الإمام سلطان بن سيف الثاني ما يلي : " بويع له بعد موت أبيه وذلك في شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف وكتب العلامة الصبحي لبعض إخوانه أن سيف بن سلطان صح معنا موته ثم صح معنا تقديم المسلمين ابنه سلطان إماما لكافة المسلمين تلقفت صحة ذلك من الفقيه ناصر بن سليمان بن مداد وسليمان بن محمد بن ربيعة المربوعي وقد ولاه على أهل نزوى " .( تحفة الأعيان ج2/ 117)ثم عينه بعد ذلك والياً على حصن ضنك ـ وهو الحصن الذي يطلق عليه اسم " حصن الإمام " ـ حيث أمر أثناء ولايته على ضنك وذلك عام 1129هـ - الشيخ سالم بن حماد بن سعيد بن أحمد الضنكي بنسخ أحد أجزاء كتاب الأشراف للشيخ الفقيه مبارك بن غريب بن مبارك المزروعي السمائلي حيث يقول في خاتمة الكتاب :" تم كتاب الأشراف وصلى الله على نبيه محمد النبي وآله وصحبه وسلم وكان تمامه وفراغه نهار الثلاثاء ورابع من شهر ربيع الأول من شهور سنة تسع سنين وعشرين سنة ومائة سنة وألف سنة من الهجرة الإسلامية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وكان تمامه على يد الفقير الحقير المعترف بالخطأ والذنوب والتقصير الراجي إلى رحمة ربه القدير سالم بن حماد بن سعيد بن أحمد الضنكي للشيخ الثقة العدل الرضي الوالي الولي مبارك بن غريب بن مبارك المزروعي السمائلي اللهم وفقه لحفظه ولفظه وفهم معانيه إنك سميع الدعوات إنه على كل شيء قدير وكان نسخه له بأمر الشيخ الفقيه المحب الصفي سليمان بن محمد بن ربيعة المربوعي وهو والي حصن ضنك بعصر سيدنا ومولانا إمام المسلمين وخليفة النبيين سلطان بن سيف بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربي أعزه الله ونصره على أعدائه وأيده على القوم الكافرين وصلى الله على محمد النبي وآله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . كما عُين واليا على منطقة الجو ( البريمي ) في عصر الإمام سيف بن سلطان بن سيف سلطان بن سيف بن مالك اليعربي ( 1140هـ/ 1728م – 1145هـ/1732م) .كان الشيخ سليمان فقيها وعالما وأديبا وشاعرا ، حيث أطلعت على بعض الآراء والفتاوى الفقهية له في بعض الكتب التي دونت في عصره أو بعد وفاته,ويذكر الشيخ البطاشي: (( أن له أجوبة كثيرة في الفقه نظماً ونثراً )). كما كان الشيخ ناسخاً لبعض المؤلفات الفقهية التي ما زالت مخطوطة إلى الآن .كما نُسخ له العديد من الكتب والمؤلفات من قبل العلماء المعاصرين له ومن هذه الكتب بعض أجزاء كتاب بيان الشرع والناسخ هو الشيخ عبدالغني بن محمد بن عبدالله بن محمد البصري القرشي الجوي الشافعي عام 1120هـ وذلك في عصر الإمام سيف بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربي (1104هـ/1692م – 1123هـ/1711م) حيث يقول في خاتمة الكتاب ما يلي : " تم الجزء الرابع والأربعون في البيوع في أصناف شتى في العيوب والإقالة والثقة وهو الثالث من البيوع من كتاب بيان الشرع يتلوه الجزء الخامس والأربعون في البيوع والسلف والتجارة والمضاربة والرهن وهو الرابع من البيوع من كتاب بيان الشرع وكان تمامه ضحى الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة عشرين سنة ومائة سنة وألف سنة من الهجرة الإسلامية على مهاجرها أفضل الصلاة والتسليم وكان تمامه على يد العبد الفقير إلى الله الراجي رحمة الله عبدالغني بن محمد بن عبدالله بن محمد البصري المخزومي القرشي كتبه للشيخ الورع الثقة الزكي سليمان بن محمد بن ربيعة المربوعي رزقه الله حفظه والعمل بما فيه ". ويقول أيضا في خاتمة مخطوطة بيان الشرع : ( ..كان تمامه يوم الأثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر جمادى الآخرة من شهور سنة عشرين سنة ومائة سنة وألف سنة من الهجرة الإسلامية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام على يدي العبد الفقير الحقير المقر بالذنب والعجز والتقصير الراجي عفو ربه القدير عبدالغني بن محمد بن عبدالله بن محمد المخزومي القرشي البصري ثم الجوي نسخه للشيخ الرضي سليمان بن محمد بن ربيعة المربوعي رزقه الله حفظه والعمل بما فيه إنه ولي ذلك والقادر عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله).كما نسخ له كتاب " المعتبر " للشيخ أبي سعيد الكدمي وذلك في عصر الإمام سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي ( 1123هـ/1711م – 1131هـ/1719م ) والناسخ هو الشيخ الفقيه خلف بن محمد بن خنجر بن سعيد بن غفيلة الغفيلي الضنكي حيث يقول :" وقع الفراغ من نسخ هذا الكتاب ضحى ثالث شهر ذي الحجة أحد شهور سنة أربع وعشرين ومائة سنة وألف سنة من الهجرة النبوية الإسلامية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام على يد أفقر خلق الله وأحوجهم إلى رحمة ربه القدير النادم على ما فرط في جنب الله خلف بن محمد بن خنجر بن سعيد بن غفيلة نسخة لشيخه وسيده الوالي الموالي الشيخ سليمان بن محمد بن ربيعة بن زيد المربوعي الضنكي رزقه الله حفظه والعمل بما فيه إنه سميع الدعاء آمين ".هذا وقد توفي الشيخ سليمان ـ رحمه الله تعالى ـ في منتصف القرن الثاني عشر الهجري أو قريباً منه حيث أنه لم يشارك في عزل الإمام سيف بن سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي ومبايعة الإمام بلعرب بن حمير اليعربي عام 1146هـ مما يدل على أن الشيخ قد توفي قبل هذا التاريخ.ومما يدلل على ذلك أن الشيخ عمر بن مسعود بن ساعد المنذري نسخ أحد الكتب للشيخ سليمان في عام 1129هـ مما يدل على أن الشيخ كان على قيد الحياة حتى هذا التاريخ ويذكر الشيخ البطاشي أنه كان على قيد الحياة إلى سنة 1141هـ وبهذا أستطيع القول أن الشيخ توفي ما بين عامي 1141هـ و 1146هـ .
3- الشيخ الفقيه ربيعة بن زيد بن علي المربوعي الضنكي ، من أعلام ولاية ضنك في القرن الثاني عشر الهجري ، وهو من أقرباء الشيخ سليمان بن محمد المربوعي .
4- الشيخ جاعد بن سنان المربوعي الضنكي ، من أعلام ولاية ضنك في القرن الثاني عشر الهجري ، كان ناسخا للكتب ، جيد الخط .
5- الشيخ ربيعة بن سليمان بن محمد المربوعي ، وهو ابن الشيخ سليمان بن محمد المربوعي ، يقول كتاب النمير (الجزء 2/166) : ( يروى أن الشيخ الفقيه العالم سليمان بن محمد بن ربيعة بن زيد المربوعي الضنكي خرج عند وادي ضنك مع جملة من أهل البلاد طالبين من الله تعالى نزول الغيث بعد أن أجدبت الديار وجفت الآبار فاستجاب الله دعوتهم فعم الخصب سائر البلاد وكان خطيبهم يومئذ والدي الشيخ الفقيه العالم سليمان بن محمد بن ربيعة بن زيد المربوعي الضنكي ، وكتبه ربيعة بن سليمان بن محمد المربوعي )

الخميس، 17 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( الخاتمة)

الخاتمة :


أعزائي القراء..

ها أنتم قد اطلعتم على ما احتوته حدائق فكري.. وتفرجتم على بساتين جملي.. واختتمتم جولة سفركم في رحاب " حدائق ذات أفنان".. بعضكم سعيد والبعض غضبان.. فللذين أعجبتهم تلك الجولة.. أتوقع لأنهم وجدوا أني قد زرعتها من حدائق الحياة.. ومن بساتين الواقع.. فكل ثمرة مررت بها وأنا في رحلتي في الحياة.. وأعجبت بها حق الإعجاب.. أخذت منها شتلة.. حتى أزين بها حدائقي.. لتكون حدائق غناء.. ليتلذذ بها القارئ الكريم كما تلذذت أنا بطعمها.. لتبعد عنه الحزن والسآمة.. والضيق والقنوط.. وقد تستغربون عندما تجدون أن بعض هذه الشتلات متشابهة.. والحقيقة أن هذه الشتلات متشابهة في الشكل فقط.. لكنها مختلفة في المضمون أي في الطعم أو الرائحة..
ورصعت فيه الدرر حتى تركته
يضيء بلا شمس ويسري بلا قمر
فعيناه سحر والجبين مهند
ولله در الرِّمش والجيد والحور
أما الذين لم تعجبهم حدائقي.. فأستميحهم عذراً على إضاعة وقتهم.. فيما لا فائدة منه!! ولا طائل من ورائه!!..
وأقول لهم : أن معظم الكتب تحمل بين طياتها.. الغث والسمين.. والجيد والرديء.. فيأخذ القارئ ما يراه صائباً.. وقد ينفعه في الحياة.. ويترك ما يراه على خطأ.. أو يضره في سلوكه وفكره ومعتقده.. واعلم أن هذه الحدائق لا تختلف عن تلك القاعدة.. لكنها عندي تمثل فكري ومعتقدي.. وتمثل سلوكي ومنهجي.. فإن كنت على خطأ.. فمن نفسي ومن الشيطان.. وإن كنت على صواب.. فمن الله.. والله يهدي من يحب إلى الصراط المستقيم.. واعلم أن الإنسان معرض للخطأ والزلل.. وجل من لا يخطأ.. وليس العيب أن يخطأ الإنسان.. ولكن العيب أن يستمر على الخطأ.. سواء كان سبب الاستمرار.. الكبر أو الجهل.. ولا يعذر في الاثنتين.. وإني أقول : رحم الله امرأ أهداني عيوبي..
وما من كاتب إلا سيفنى
ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء
يسرُّك في القيامة أن تراه
وفي الختام لا أقول لكم وداعاً.. بل إلى لقاء قريب إن شاء الله.. مع حدائق أخرى.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون.. وسلام على المرسلين.. والحمد لله رب العالمين..
المرء بعد الموت أحدوثه
يفنى وتبقى آثاره
فأحسن الحالات حال امرئ
تطيب بعد الموت أخباره

مع تحيات أخوكم في الله :
فارس الكلمة.....

حدائق ذات أفنان ج1 ـ رسائل وردود ـ الرد :( البلسم الشافي)

الرد:
البلسم الشافي:

أيها المحب.. إليك البلسم الشافي.. الذي حار به فكرك.. وتاه عنه عقلك.. شفاء لآلامك وأحزانك.. وترياقاً لكل مرض وبلاء.. ودواء لكل داء ووباء.. وحلاً لما عجز عنه علمك..
سرح الطرف في رياض المعالي
وزن الأمر وزن حر موالي
وافتكر في الأمور كيف تراها
وزن الأمر وزن حر موالي
فاعلم أيها السائل الحبيب.. أن كل الخلق يشكو دهره.. ويبكي عصره.. ويندب أمره.. وقد أنهى بالهم عمره.. وهذا حال الناس في كل عصر ومصر.. ولا مناص منه ولا مهرب.. ولا سبيل عنه ولا مخرج.. وإليك الحل عما سألت.. والإجابة عما استفسرت..
وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان لهم ركابا
فعندما يعم التقوى والإيمان.. في نفوس عباد الرحمن.. وتكون الاستقامة على دروب أهل الرضوان.. والسير في طريق أهل الإحسان.. ومخالفة النفس والهوى والشيطان.. ومجانبة الكفر والفسوق والعصيان.. عندها.. سوف تفتح أبواب الرحمن.. وتزال جدران الحقد والكراهية والغل والحسد من نفوس بني الإنسان.. وسيجتمع في صحن الدار كل أحبتنا وأخوتنا.. على كتاب الله.. وسنة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم..
أما والله لو علم الأنام
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
حياة ثم موت ثم نشر
وحشر ثم أهوال عظام
وعندما يكثر التضرع والاستغفار.. بالليل والنهار.. والعشي والأسحار.. والتوبة من الذنوب الصغار والكبار.. وإدمان قرع باب علام الغيوب العلي الجبار.. فسوف تُكسر قيود المعصية.. وتُقطع سلاسل الشيطان.. وتُذاب قضبان الهوى.. وتُلغى حواجز النفس الأمارة بالسوء.. وتُمزق الفواصل التي صنعها الفكر المتعفن.. محب الشهوة والشهرة..
إذ كان لا يرجوك إلا محسن
فمن الذي يدعو إليه المجرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعاً
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا
وجميل عفوك ثم أني مسلم
وعندما يدوم ذكر الله على كل حال.. في الحل والترحال.. وبالليل والنهار حتى نهاية الآجال.. واللهج بياذا الجلال.. مع موافقة القلب اللسان.. والعمل بجميع الأركان.. وانتهاج سنة سيد الإنس والجان.. واقتفاء آثار الصحابة وأهل التقى والإحسان.. وإتباع مُنزل القرآن.. عندها.. سوف ترى المسلم عزيزاً أبياً.. والإسلام عالياً خفاقاً.. والأقصى حراً طليقاً.. والظالم ضعيفاً حقيراً..
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها
يا من إليه المشتكى والمفزع
ما لي سوى فقري إليك وسيلة
فبالافتقار إليك فقري أدفع
ما لي سوى قرعي لبابك حيلة
فلئن رددت فأيَّ باب أقرع
وعندما تصف القلوب من الضغائن والأحقاد.. وتطهر من الفساد كالغل والحقد والحسد.. ويمحى من النفوس الكبر والعجب والرياء.. وتنظف الألسن من الكذب والسباب واللعان.. أو الغيبة والنميمة والبهتان.. وترك الانتقام من العباد.. ولو كانوا من أهل المصائب والفساد.. والعفو عن المسيء والحلم على أهل العناد.. والإحسان إلى أهل البؤس والشقاء.. وتفقد أهل الحاجة من المساكين والفقراء.. وأهل الإجهاد والإعسار والبلاء.. وقضاء حوائجهم.. وإدخال الفرح في نفوسهم.. وخفض الجناح لكل سائل أو محتاج.. وتلطيف القلوب بالكلمة الطيبة.. والبسمة الحانية.. وعندما يعفو الإنسان عمن ظلمه.. ويصل من قطعه.. ويعطي من حرمه.. ويحلم عن من أساء إليه.. عندها.. سوف ترى الابتسامة تملأ الوجوه.. والسعادة تعم النفوس.. والمحبة تسيطر على القلوب..
أخاك أخاك فهو أجلُّ ذخر
إذا نابتك نائبة الزمان
وإن رابت إساءته فهبها
لما فيه من الشيم الحسان
تريد مهذباً لا عيب فيه
وهل عود يفوح بلا دخان
أما عند مخالفة هدي الرحمن.. وإتباع الهوى والنفس والشيطان.. وملازمة أهل الكفر والفسوق والعصيان.. ومتابعة حزب الشيطان.. وقلة الاستغفار في الليل أو النهار وعند المنام.. وعدم التوبة من الذنوب العظام.. وإدمان الانغماس في الموبقات والحرام.. وسلوك دروب أهل الشقاء والإجرام.. والتلذذ بالمعاصي والآثام.. عندها.. تتحجر القلوب التي في الصدور.. وتموت الضمائر.. ويتعطل العقل عن العمل والتفكير.. ويتعود اللسان على كثرة الهذيان.. سواء أكان غيبة ونميمة وبهتان.. أو كذب وقول الزور وسباب ولعان.. وغيرها من آفات اللسان.. التي يصبح سالكها مثل الحيوان..
هذا جزاء أناس بالهوى غلبوا
وقصروا في أمور الدين فاستلبوا
كانوا شموساً عيون الناس ترمقهم
لكنهم بعد طول الدهر قد غربوا
ويكثر الفراغ بين شباب الإسلام.. فيبتعدوا عن أهل الصلاح والأخيار.. ويصاحبوا الأنذال والأشرار.. بعد أن يصابوا بداء الخواء الروحي الذي يفتك بالأحرار.. عند ذلك.. سترى أن ذلك الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى عن باقي مخلوقاته.. سيتحول في نهاية المطاف.. إلى مسخ حيواني.. همه الوحيد.. إرواء جوعه.. وإشباع غريزته.. في لحظة عابرة.. وشهوة عارمة.. ونزوة حيوانية بحتة.. وبدون أي خجل أو وجل..
إذا ما الجهل خيم في بلاد
رأيت أسودها مسخت قروداً
وسيتحول كثير من الناس.. من عبادة الرحيم البصير.. إلى عبادة الدرهم والدينار.. وسيقدس صاحب الريال.. ويرمى إلى الكلاب كل من ليس عنده شيء من المال..
من كان يملك درهمين تعلَّمت
شفتاه أنواع الكلام فقالا
وتقدَّم الفصحاء فاستمعوا له
ورأيته بين الورى مختالا
لولا دارهمه التي في كيسه
لرأيته شرَّ البرية حالا
إن الغنيَّ إذا تكلم كاذباً
قالوا صدقت وما نطقت محالا
وإذا الفقير أصاب قالوا لم يصب
وكذبت يا هذا وقلت ضلالا
إن الدراهم في المواطن كلها
تكسو الرجال مهابة وجلالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة
وهي السلاح لمن أراد قتالا
أو يطحن بعبارات السب والتقريع والإذلال.. أو نظرات الازدراء والاحتقار..
يغدوا الفقير وكل شيء ضده
والأرض تغلق دونه أبوابها
وتراه ممقوتاً وليس بمذنب
ويرى العداوة ولا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا بزة
أصغت إليه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوماً فقيراً جائزاً
نبحت عليه وكشرت أنيابها
أو يصبح منبوذاً من الأهل والأصدقاء..
الناس أتباع من دامت له النعم
والويل للمرء إن زلَّت به القدم
المال زين ومن قلَّت دارهمه
حيٌّ كمن مات إلا أنه صنم
لما رأيت أخلائي وخالصتي
والكلُّ مستتر عني ومحتشم
أبدوا جفاء وإعراضاً فقلت لهم
أذنبت ذنباً فقالوا : ذنبك العدم
وسوف يقتل الأخ أخاه.. ويعق الابن أباه.. عندما تنعدم القدوة.. وتنخار المبادئ.. وتتبخر الأحاسيس.. وتتهدم أركان الأخلاق.. وتتزلزل أعمدة القيم..
وليس بعامر بنيان قوم
إذا أخلاقهم كانت خرابا
وسوف يفجر الولد بأمه وذويه.. وتبيع البنت شرفها بأبخس الأثمان.. عندما تنعدم التربية.. وتراق الشهامة.. وتذاب الكرامة.. وتغتال المروءة.. ويذهب الحياء.. وعندما يعم الرضى بالدناءة.. والسكوت عن الحق.. وسلوك طريق الشيطان..
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
وسوف يخون الزوج زوجته.. وتخون الزوجة زوجها.. ورغم أنهما قد تعاهدا بكتاب الله.. وبسنة نبيهم.. على عدم الخيانة.. وحفظ العهود والمواثيق.. وأن يحفظ كلاهما شرف صاحبه.. عندما يستهان بالمعصية ولو قلت.. والإعراض عن مبادئ القرآن السمحة.. وكثرة الخلاف والشقاق بين الزوجين.. وإتباعهم هوى النفس والشيطان.. والانحراف عن المنهج والصراط..
عجبت لمعشر صلُُّوا وصاموا
ظواهر خشية وتقى كذاباً
وسوف تقتل الأم وليدها وفلذة كبدها.. إثر نزوة حيوانية عابرة.. بسبب.. خوائها من القيم والأخلاق.. وابتعادها عن منهج منزل القرآن.. خالق الإنسان.. وإتباعها طريق النفس والهوى.. ومصاحبتها أهل الفسوق والبلى.. بعد موت الضمير.. وبُعدها عن الهدى.. ومصاحبة أهل الصلاح والتقى.. وإتباعها سبيل أهل الردى.. وسلوكها دروب الغوايات.. والانغماس في المحرمات..
ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب

كل هذه الأمور التي ذكرتها لك.. سببها الوحيد في نظري.. هو الابتعاد عن المنهج الذي خطه لنا الشارع العظيم.. وعدم الإقتداء بمسلك رسولنا الكريم.. وإتباع كل ثرثار وناعق من أهل الخناعات.. والتلذذ بعمل الفواحش والموبقات.. وندرة المصلحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكرات.. والانغماس في دنيا الأموات.. ونسيان هادم اللذات .. وهذا ما آل إليه حال أمتنا..
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته
أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
فإذا رجعت إلى ما صلح به أولها.. تغلبت على الأوجاع والأسقام.. وانتصرت على المشكلات والأخطار.. وقضت على الفساد والضياع.. وعاشت في أمن وسلام.. وراحة وطمأنينة.. وعز وسؤدد..
شريعة الله للإصلاح عنوان
وكلُّ شيء سوى الإسلام خسران
لما تركنا الهدى حلت بنا محن
وهاج للظلم والإفساد طوفان
تاريخنا من رسول الله مبدؤه
وما عداه فلا عزٌّ ولا شان
محمد أنقذ الدنيا بدعوته
ومن هداه لنا روح وريحان
واعلم أيها الحبيب.. أن شجاعة القلب في الأزمات.. وثباته في الملمات.. وقوته عند الكربات.. وعدم انزعاجه للصادرات والواردات.. ومجانبة قلقه في المصيبات.. وتصفيته من الغل والأحقاد.. وتطهيره من الحسد والفساد.. فإنه في نهاية الأمر.. يفتح باب حل المعضلات.. ويهدأ القلب بعد الثوران.. وتسكن الروح بعد الطوفان.. وتخمد الأحاسيس بعد الاشتعال..
ربَّ أمر تزهق النفس له
جاءها من خلل اليأس فرج
لا تكن من روح ربي آيساً
ربما قد فرِّجت تلك الفرج
بينما المرء كئيب موجع
جاءه الله بروح فبهج
رب أمر قد تضايقت له
فأتاك الله منه بالفرج
وعند القناعة من الدنيا بالبلاغ.. وعدم الروغان مع من راغ.. ومجافاة كل طاغ وباغ.. فإن الجسم سيصمد أمام هجمات الجراثيم ومصارعة الأمراض.. وسيطرة الأسقام والأوجاع..
إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت
ولم ينهها تاقت إلى كل باطل
وساقت إليه الإثم والعار بالذي
دعته إليه من حلاوة عاجل
وتطمئن النفس إثر الغدر والخيانة.. عند التوبة والإنابة.. ويتحد التركيز والتفكير بعد التيه والضياع.. ويجتمع الأخوة على مائدة القرآن.. وفي رضا الرحمـن.. ويلتقـي الصحـب والخلان.. بعد التشتت والهجران.. عندما نرضى بالله رباً.. وبالإسلام ديناً ومنهجاً.. وبالقرآن الكريم كتاباً ودستوراً.. وبمحمد صلى الله عليه وسلم مرشداً وهادياً ورسولاً..
من كان يرغب في النجاة فما له
غير إتباع المصطفى فيما أتى
ذاك سبيل المستقيم وغيره
سبل الغواية والضلالة والردى
واعلم أيها المحب.. أن اليسر مع العسر.. ومع الصبر الظفر.. وإن الغنى بعد الفقر.. والعافية بعد الضرر.. والأمل سيأتي بعد اليأس.. والقوة بعد الضعف.. والعزة بعد الذل.. والنور بعد الظلمة.. والنخوة بعد البرود.. والسكينة بعد الغضب.. والحب بعد الكراهية.. والمحبة بعد العداوة.. والسلم بعد الحرب.. واللقيا بعد الفراق والهجران.. والفرج بعد الشدة.. والنجاح من بعد الكفاح.. والصدق بعد الكذب.. والتواضع بعد التكبر.. والحقيقة بعد الرياء.. والتوبة بعد المعصية.. والندم بعد الخطأ والزلة.. والعدل والرحمة بعد الظلم والقسوة.. والفوز والنصر بعد الخسارة والهزيمة.. والإيمان بعد النفاق.. والراحة بعد الفراق.. والنوم بعد الأرق والهجران.. والمحبة بعد التيه والضياع.. والحياة بعد الممات.. والصحة بعد السقم.. والعافية بعد المرض.. والفرح والسرور بعد الضيق والحزن.. والسعادة بعد الكآبة.. والدهر.. ساعة حلو.. وساعة مر..
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر
واعلم أيها الحبيب.. عند جعل الأفكار فيما يفيد.. وعدم تأخير عمل اليوم إلى الغد.. وبدء الأعمال بالأهم.. مع تخير من الأعمال ما يناسب.. ومصاحبة أهل التقى والصلاح.. لأنهم طريق النجاة والفلاح.. ومعاملة الأهل والأصحاب.. برؤية المناقب ونسيان المثالب.. لأنه ما من أحد إلا وفيه معائب.. ولو تركت كل ذي عيب لن تجد من تصاحب.. والصبر عند نزول المصائب.. والتأسي بالمنكوبين والمصابين.. والبعد عن الأفكار المدمرة.. عندها يتبدل الحقد والكره إلى محبة ووئام.. ويتبدل الغضب إلى راحة وسكينة.. ويتبدل البغض والحسد إلى تسامح وإيثار وتضحية.. وتتبدل الإساءة إلى إحسان.. ويتبدل الكفر إلى توبة وغفران.. ويتبدل الغي والضلال إلى رشد وهدى.. ويتبدل الهلاك إلى نجاه.. ويتبدل المرض إلى صحة وعافية.. ويتبدل العذاب إلى نعيم مقيم.. ويتبدل الصمت القاتل إلى كلام يرضي رب الأنام.. ويتبدل البكاء إلى فرح وسرور.. ويتبدل الحزن إلى سعادة وراحة بال..
إذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت
وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر نفعاً
وما أجدى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث
يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت
فموصول بها فرج قريب
وعليك أيها السائل المحب.. بعدم اليأس.. مهما عظم البلاء.. واشتدت الظلماء.. وكثر الأعداء.. فإن الأمر بيد رب الأرض والسماء.. وعليك بالصبر الجميل.. وتفويض الأمر إلى الجليل.. والرضى بالقليل.. والعمل بالتنزيل.. والاستعداد ليوم الرحيل..
دع الأقدار تفعل ما تشاء
وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي
فما لحوادث الدنيا بقاء
فلا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع
فأنت ومالك الدنيا سواء
وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
واعلم أيها المحب.. أن فضول العيش أشغال.. وكثرة المال أغلال.. وإقبال الدنيا هموم وأثقال.. وأن خير النعيم راحة البال.. ومن وقع في عرضك وفجر.. وأسمعك ما يوجب الضجر.. فتجاهله ولا تجبه حتى يندحر.. والكلب لا يملأ فمه إلا الحجر..
واحرص على حفظ القلوب من الأذى
فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها
مثل الزجاجة كسرها لا يشعب
إياك واليأس أو القنوط أو الكسل والخمول والدعة على إثر الابتلاءات والكوارث والمصائب .. ثم إياك والاتكال على الأقدار والتواكل والفتور عن خوض غمار التجربة مرة أخرى إن لم تدرك مبتغاك ولم تصل إلى مطلبك ولكن إمضي إلى ما عزمت عليه قدماً دون توقف أو تردد موقنا أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.. وعليك الأخذ بالأسباب أما النتائج فبيد الله سبحانه وتعالى..
حاول جسيمات الأمور ولا تقل
إن المحامد والعلا أرزاق
وارغب بنفسك أن تكون مقصراً
عن غاية فيها الطلاب سباق
لا تشفقن فإن يومك إن أتى
ميقاته لم ينفع الإشفاق
وفي الختام..
دون المعالي مرتقى شاهق
فطر إلى ذروته أوقع
من لم يخض غمرتها لم يشد
قواعد المجد ولم يرفع

((تمت))

حدائق ذات أفنان ج1 ـ رسائل وردود ـ الرسالة :( تساؤلات واستفسارات تحتاج إلى إجابة)

الرسالة:
تساؤلات واستفسارات تحتاج إلى إجابة :

لدي هموم وأحزان.. واستفسارات وتساؤلات.. لم أجد لها إجابة.. ولم أستنبط لها الحلول.. ولم أجد لها الموضع المناسب.. الذي أبثها فيه إلا أنتِ.. لعلمي ويقيني.. بأني سأجد بغيتي.. وسأحصل على ما يريحني.. فعقلكِ الراجح سوف يُلهم الإجابة.. وفكركِ السليم سوف يستنبط الحل..
يطيـب العيـش أن تلقـى حكيمـاً
غــذاه العلـم والفـهم المصيـب
فيكشـف عنـك حيـرة كل جهـل
وفضـل العلـم يعرفــه اللبيـب
سقـام الحـرص ليـس لـه شفـاء
وداء الجهـل ليـس لـه طبيـب
متى تفتح الأبواب.. وتزال الجدران.. ويجتمع في صحن الدار كل أخوتي وأحبتي؟!!..
شباب ذللوا سبل المعالي
وما عرفوا سوى الإسلام دينا
ومتى تكسر القيود.. وتقطع السلاسل.. وتذاب القضبان.. وتلغى الحواجز.. وتمزق الفواصل؟!!..
ما الحبس إلا بيت كل مهانة
ومذلة ومكاره ما تنفد
يكفيك أن الحبس بيت لا ترى
أحداً عليه من الخلائق يحسد
ومتى أرى المسلم عزيزاً أبياً.. والإسلام عالياً خفاقاً.. والأقصى حراً طليقاً.. والظالم ضعيفاً حقيراً؟!!..
أما لله والإسلام حق
يدافع عنه شبان وشيب
ومتى أرى الابتسامة تملأ الوجوه.. والسعادة تعم النفوس.. والمحبة تسيطر على القلوب؟!!..
فلم أرى مثل الهم ضاجعة الفتى
ولا كسواد الليل أخفق طالبه
ثم كيف يتحول ذلك الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى عن باقي مخلوقاته.. إلى مسخ حيواني.. همه الوحيد.. إشباع جوعه.. في لحظة عابرة.. وشهوة عارمة.. ونزوة حيوانية بحتة؟!!.. رغم أنه
كفى زاجراً للمرء أيام دهره
تروح له بالواعظات وتغتدي
وكيف يتحول كثير من الناس.. من عبادة الرحيم البصير الجبار.. إلى عبادة الدرهم والدينار؟!!..
إذا طمع يحلُّ بقلب عبد
علته مهانة وعلاه هون
وكيف يقتل الأخ أخاه.. ويعق الابن أباه.. ويفجر الولد بأمه وذويه.. وتبيع البنت شرفها بأبخس الأثمان؟!!..
فيا موت زر إن الحياة ذميمة
ويا نفس جدي إن عيشك هازل
أم كيف يخون الزوج زوجته.. وتخون الزوجة زوجها.. وقد تعاهدا بكتاب الله.. وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟!!.. وأصبح ويا للأسف شعارهم في الحياة :
وهل أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وان ترشد غزية أرشد
أم كيف تقتل الأم وليدها وفلذة كبدها إثر نزوة حيوانية عابرة؟!.. حتى إنني..
عجبت حتى غمني السكوت
صرت كأني حائر مبهوت
وهل يا ترى يهدأ القلب بعد الثوران؟!.. أم هل تسكن الروح بعد الطوفان؟!.. أم هل تخمد الأحاسيس بعد الاشتعال؟!.. فـ
الدهر لا يبقى على حاله
لكنه يقبل أو يدبر
وهل سيصمد الجسم أمام هجمات الجراثيم ومصارعة الأمراض والأسقام؟!.. حيث
كم من عليل قد تخطاه الردى
فنجا ومات طبيبه والعوَّد
أم هل تطمئن النفس بعد الغدر والخيانة؟!.. أم هل يتحد التركيز والتفكير بعد التيه والضياع؟!.. أم هل يجتمع الأخوة على مائدة القرآن وفي رضى الرحمن؟!.. أم هل يلتقي الصحب والخلان بعد التشتت والهجران؟!..لأنه..
صوت الشعوب من الزئير مجمعٌ
فإذا تفرقت كان بعض نباح
وهل بعد الشدة من فرج؟!.. وهل بعد الكفاح من نجاح؟!.. وهل بعد الكذب من صدق؟!.. وهل بعد التكبر من تواضع؟!.. وهل بعد الرياء من حقيقة؟!.. وهل بعد الخطأ من ندم وتوبة؟!.. وهل بعد الظلم من عدل ورحمة؟!.. وهل بعد الهزيمة من فوز ونصر؟!.. وهل بعد النفاق من إيمان؟!.. وهل تعود الراحة بعد الفراق؟!.. وهل يعود النوم بعد الهجران؟!.. وهل تعود المحبة بعد التيه والضياع؟!.. وهل من حياة بعد الممات؟!.. وهل تعود الصحة بعد السقم؟!.. وهل تعود العافية بعد المرض؟!.. وهل يعود الفرح والسرور بعد الضيق والحزن؟!.. وهل تعود السعادة بعد الكآبة؟!.. وهل يعود الأمل بعد اليأس؟!.. وهل تعود القوة بعد الضعف؟!.. وهل تعود العزة بعد الذل؟!.. وهل يعود النور بعد الظلمة؟!.. وهل تعود النخوة بعد البرود؟!.. وهل بعد الغضب من سكينة؟!.. وهل بعد الكراهية من حب؟!.. وهل بعد العداوة من محبة؟!.. وهل بعد الحرب من سلم؟!.. وهل بعد الفراق من لقيا؟!..
وكيف يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
وهل يتبدل الحقد والكره إلى محبة ووئام؟!.. وهل يتبدل الغضب إلى راحة وسكينة؟!.. وهل يتبدل البغض والحسد إلى تسامح وتضحية وإيثار؟!.. وهل بعد الإساءة من إحسان؟!.. وهل بعد الكفر من توبة وغفران؟!.. وهل بعد الغي والضلال من رشد وهدى؟!.. وهل بعد الهلاك من نجاه؟!.. أم هل بعد المرض من عافية؟!.. أم هل بعد العذاب من حساب؟!.. وهل بعد الصمت من كلام؟!.. وهل بعد البكاء من سعادة؟!.. وهل بعد الحزن من فرح؟!.. وهل؟!.. وهل؟!.. فهل يا ترى؟!.. ومتى؟!!..
وما فتئ الزمان يدور حتى
مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي
وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر
سؤال الدهر أين المسلمونا؟!!
ترى هل يرجع الماضي فإني
أذوب لذلك الماضي حنينا
إني في انتظار الإجابة.. فلا تتأخري.. فقد أعياني التفكير.. وأقض مضجعي.. والذي سيؤدي بي في نهاية المطاف إلى الجنون!!.. إن لم أجد ما يروي عطشي.. ويشبع فكري!!.. لكني أحياناً
أعلل النفس بالآمال ارقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

حدائق ذات أفنان ج1 ـ رسائل وردود ـ الرد :( رسالة إلى زوجي الحبيب الغالي)

الرد:
رسالة إلى زوجي الحبيب الغالي:

الحمد لله الذي جعل الزواج ستراً وصيانة للنساء.. وكرمهن وصانهن من عبث العابثين.. وأوجب لهن حقوقاً.. وأشهد أن لا إله إلا الله.. وحده لا شريك له.. القائل في كتابه العزيز.. {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً }(النساء: 19).. وقوله سبحانه :{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة: 187).. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله.. خير من عاشر بمعروف.. القائل : << استوصوا بالنساء خيراً >> (صحيح مسلم [1468] ج2 ص1091) والقائل : <<خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي >> (صحيح ابن حبان [4177] ج9 ص484).. والقائل : << أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خيارهم لنسائهم >> (موارد الظمآن [1311] ج1 ص318).. صلوات الله وسلامه عليه.. وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد..
وافى الكتاب فأوجب الشُّكرا
فضممته ولثمته عشرا
وخضضته وقرأته فإذا
أجلى كتاب في الورى يقرا
فمحاه دمعي من تحدُّره
شوقاً إليك فلم يدع سطرا
تحية طيبة معطرة بالورد والرياحين.. مبعوثة عبر نسائم الصباح.. ببريد الزمن.. لتصل إلى من ألهب مشاعري.. بالغبطة والسرور.. وأنار طريقي.. بإشراقة الحياة بعد ظلمة الوحدة.. وانتشلني من جحيم العنوس إلى جنة الحياة الزوجية.. إلى من قهر الصعاب.. وحارب كل من كان يقف عثرة في طريق حياتنا.. إلى من سلب لب عقلي.. وسيطر على مفتاح قلبي.. وملك زمام أمري..
إني أحبُّك حباً ليس يبلغه
فهم ولا ينتهي وصفي إلى صفته
أقصى نهاية علمي فيه معرفتي
بالعجز مني عن إدراك معرفته
إليك يا أغلى من أحببت.. وأطهر من عرفت.. وأنبل من عاشرت.. وأسمى من رأيت..
كم أحمل في هواك ذلاً وعنا
كم أصبر فيك تحت سقم وضنا
لا تطردني فليس لي عنك غنا
هذا نفسي إذا أردت الثمنا
إليك يا زوجي الحبيب الغالي.. فقد وصلتني رسالتك.. وأسعدني كلامك.. وسرني بيانك.. وفهمت مرامك.. ولقد قرأتها مرات ومرات.. فكلماتك أثلجت صدري.. وأبهجت نفسي.. وكانت برداً وسلاماً على قلبي.. وزادت من أشواقي إليك أكثر وأكثر.. فالدنيا يا قرة عيني.. حلوة نضرة بوجودك.. وعبوسة كالحة بفقدك وغيابك..
إن يطل بعدك ليلي فكم
بتُّ أشكو قصر الليل معك
وأعلم يا زوجي الحبيب.. أنك شريان حياتي.. ومبلغ أملي.. وراحة بالي.. ومهما حاولت.. فلن أصل إلى عظيم أخلاقك.. وصدق عواطفك.. ومهما حاولت.. فلن أوفيك حقوقك.. ولكن يكفيني من الدنيا.. أن نعيش معاً.. ويظلنا سقف واحد.. ولا تفرقنا الأماني.. ولا تبعدنا الأحلام.. ولا تشتتنا الأوهام.. فليس لي هدف في هذه الحياة.. إلا إسعادك.. وليست لي غاية.. إلا إرضاؤك.. فرضاك عني هو جنتي.. وابتسامتك في وجهي هي نعمائي وسعادتي..
ما تقلبت من نومي وفي سنتي
إلا وذكرك بين النفس والنفس
زوجي الحبيب.. قد كنت في الحقيقة.. أستمع لكلام بعض الناس.. ظانة أنهم يريدون مصلحتي.. ويبحثون عن سعادتي.. وهمهم الوحيد هو سروري ورضاي.. فكنت أستمع لنصحهم.. وأمتثل لرأيهم.. بحسن نية.. وطيبة نفس.. ولم أعلم بأني في عالم مليء بالوحوش والأفاعي.. تتلون وتتشكل حسب الأهواء والرغبات.. لكي تخدع فريستها.. وتنقض على ضحيتها..
خبرت بني الأيام طراً فلم أجد
صديقاً صدوقاً مسعداً في النوائب
وأصفيتهم مني الوداد فقالوا
صفاء ودادي بالقذى والشوائب
وما اخترت منهم صاحباً وارتضيته
فأحمدته في فعله والعواقب
ورغم هذا.. لم يكن عملي هذا.. لإرضاء نفسي.. ولا لإشباع رغباتي.. وإنما كنت أبحث عما يريحك.. وعما يسعدك.. ويهدأ بالك.. ولما نبهتني لهذا الأمر.. ونصحتني بالابتعاد عنهم.. تنبهت لخطئي.. ورجعت عن أمري.. واستغفرت ربي.. وعدت إلى رشدي..
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً
إن برَّ فيما قال أو فجرا
واعلم يا زوجي الغالي.. إن سبب بحثي واهتمامي.. لما يرضيك ويسعدك.. هو أني أحببتك حباً لا يوصف.. فملك حشاشة قلبي.. وسيطر على مجريات تفكيري.. ولهذا فإنك تجدني :
أغار عليك من نظري ومني
ومنك ومن مكانك والزمان
ولو أني خبأتك في جفوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
ولكني أعاهدك بالله يا زوجي الحبيب.. بأني سأكون طوع أمرك.. ورضى نفسك.. فلا ترى مني شيئاً إلا ما يسرك.. فتعال بنا نبدأ صفحة جديدة.. نسلك فيها درب الرحمن.. ونمشي في طريق الرضوان.. ونتحد ضد حزب الشيطان.. لنعيش في هذه الحياة في وئام وسلام.. فإني والله أحببتك بكل جوارحي.. ولا أستطيع التخلي عنك.. ولا أتصور حياتي بدونك..
لقد جرى الحبُّ مني
مجرى دمي في عروقي
فاعذرني يا زوجي الغالي.. على كلماتي المتواضعة.. وجملي المتفككة.. وأفكاري المفبركة.. فهي لا تمثل إلا جزءاً يسيراً مما يختلج في قلبي.. فيغذي شراييني.. ويسعد نفسي.. وتبتهج روحي.. فلساني لا يقدر أن يصف شعوري.. وقلبي لا يبين عن سروري.. وقلمي لا يستطيع أن يعبر عن أحاسيسي.. وبناني لم يطاوعني في كتابة جملي وأفكاري..
كتبت إليك بماء الجفون
وقلبي بماء الهوى مشرب
فكيف أخطُّ وقلبي يمل
وعيني تمحو الذي أكتب
فليس يتمُّ كتابي إليك
بشوقي فمن هنا أعجب
وأعلم أن سعادتي بوجودك.. وسروري بلقائك.. وحبوري برؤية وجهك الوضاء الباسم.. فأنت قمر أضاء ظلمة حياتي.. فأشرقت شمس صبحي.. ولمت شعث أفكاري.. وأنارت عتمة ليلي.. وأنت كالهواء الذي لا يمل.. وكالماء الذي لا يستغنى عنه.. ولكن..
أسلم إن أراد الله أمراً
فأترك ما أريد لما يريد
وبرغم ذلك إلا إنني قطعت عهدا على نفسي يا زوجي الحبيب.. بأن أكون طوع أمرك.. وأن أكون نعم الزوجـة لك.. وأن لا تـرى مني إلا ما يسرك.. وأن أحرص على إسعادك ما استطعت.. وأن تكون حياتك كلها سعادة وسرور.. وأعلم..
أن المحب إذا أحب حبيبه
صدق الوفاء وأنجز الموعودا
نعم.. هذا ما قد رسمته لمستقبلي معك.. الحرص على إسعادك وإرضائك ما استطعت..
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب
وفي الختام أقول لك :
قد كنت من قبل النوى
مما ألاقي جزعا
تركتموني بعدكم
أشرب دمعي جرعا

التوقيع : زوجتك المخلصة دوماً

حدائق ذات أفنان ج1 ـ رسائل وردود ـ الرسالة :( رسالة إلى زوجتي الغالية)

الرسالة :
رسالة إلى زوجتي الغالية :

(إلى زوجتي الغالية ):

الحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً.. وجعل علاقة الزوج بزوجته تقوم على التعارف والمودة.. والرحمة والصيانة.. والحفظ والعفة.. وأشهد أن لا إله إلا الله.. وحده لا شريك له.. القائل في كتابه العظيم : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: 21).. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله.. حض على الألفة بين الزوجين.. وضرب لنا أروع الأمثلة في التعامل مع زوجاته.. القائل : << ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله>> (سنن ابن ماجة [1857] ج1 ص596).. وقوله صلى الله عليه وسلم عندما سأل عن أي المال خير فقال: << أفضله لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه>>(مسند أحمد [22446] ج5 ص278) .. صلوات الله وسلامه عليه.. وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
فررت من اللقاء إلى الفراق
فحسبي ما لقيت وما ألاقي
سقاني البين كأس الموت صرفاً
وما ظني أموت بكف ساقي
فيا برد اللقاء على فؤادي
أجرني اليوم من حر الفراق
أيتها الزهرة المشرقة.. والوردة المتفتحة.. والعطر الندي.. يا صاحبة الابتسامة الوضاءة المشرقة.. التي غمرت روحي بإشراقها.. وأذابت عن كاهلي أحزاني وآلامي.. وجددت لي آمالي وتطلعاتي.. ويا صاحبة الجمال الذي جمله الحياء.. وعطره الصدق.. وزانه طاعة الرحمن.. والابتعاد عن مسالك الشيطان.. وسلوك درب أهل الرضوان..
نفسي الفداء لمن عصيت عواذلي
في حبِّه لم أخش من رقبائه
الشمس تطلع عن أسرة وجهه
والبدر يطلع من خلال قبائه
يا نور عيني وبصيص أملي.. ما عاد لي بعدكِ جسدٌ تأوي إليه روحي.. أو يضم بين جنبيه بقايا قلبي.. أو مكان أخبئ فيه أحاسيسي ووجدي.. أو موضع يستوعبه عقلي وفكري..
ودعت قلبي حين ودعتهم
وقلت يا قلبي عليك السلام
وصحت بالنوم انصرف راشداً
فإن عيني بعدهم لا تنام
فشوقي لكِ هد حيلي.. وأضعف جسمي.. وأذهب عقلي.. وبعدك عني.. حطم آمالي.. وأزاح تطلعاتي.. وقضى على أفراحي.. وهدم سعادتي.. وتبخرت أحلامي.. وذابت أفكاري.. وأنا أجري وراء هدفي وغايتي.. كجري العطشان وراء السراب.. لا يجد منتهاه.. ولا يصل إلى غايته.. ولا يعرف طريقه.. ولا إلى أي الجهات يكون سبيله؟!!..
هل أنت شافية قلباً يهيم بكم
لم يلق عروة من عفراء ما وجدا
ما في فؤادي من داء يخامره
إلا التي لو رآها راهب سجدا
فيا نور قلبي.. ونبراس حياتي.. كلماتي لا تسعك.. وجملي لا تستوعبك.. فأنتِ أعظم وأرقى وأسمى.. من أن يخطها بناني.. أو يلوجها لساني.. أو يصفها قلمي.. أو يعبر عنها وجداني.. أو يسطرها دمي.. أو يتخيلها فكري.. أنت وردة في بستان من الأشواك.. ونسمة في زمن العواصف والرياح.. ونور في عصر الظلمة.. وصفاء في زمن الغيوم المظلمة.. والقلوب المعتمة.. وجوهرة ازدانت بها الحياة..
أحبك يا شمس الزمان وبدره
وإن لامني فيك السهى والفرقد
إني أرسل إليكِ اعترافي واعتذاري.. بسبب خطئي وتقصيري.. فقلبكِ الواسع يتحمل هفواتي.. وعقلكِ الكبير يغفر زلاتي.. وأخلاقكِ الأصيلة تمنعكِ من مقاضاتي.. وإحساسكِ المرهف من المستحيل أن يصدق على مقاطعتي.. وعواطفكِ الصادقة أبداً لا تفكر في فراقي.. فرفقاً بنفسكِ وبي يا حياتي وعمري..
أمازحها فتغضب ثم ترضى
فكل فعالها حسن جميل
فإن غضبت فأحسني ذي دلال
وإن رضيت فليس لها مثيل
ونصيحتي لكِ أن لا تنصتي لنصح الجاهلين.. أو تلتفتي لكلام الحمقى.. أو تحزني لمقولة الحاسدين.. ولا تكترثي بشماتة الأعداء.. أو نظرات الحاقدين.. أو شعارات البله.. ولا تنخدعي بالأشكال البراقة.. والجلود الملساء.. فإنها أفاعي ووحوش.. تنتظر غفلتك.. وتترقب رقدتك.. لتنهش جسدكِ.. فكوني على حذر..
لا يكن ظنُّك إلا سيئاً
إنَّ سوء الظن من أقوى الفطن
ما رمى الإنسان في مهلكة
غير حسن الظن والقول الحسن
وإني والله عكس ما يقولون.. ومخالف ما يفعلون.. وسالك طريقاً هم عنه مبتعدون.. ومنهجاً هم له مناهضون..
تحكَّموا فاستطالوا في تحكُّمهم
وعمَّا قليل كأن الأمر لم يكن
لو أَنْصَفُوا أُنْصِفُوا لكن بغوا فبغى
عليهم الدهر بالأحزان والمحن
فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم
هذا بذاك ولا عتب على الزمن
ولهذا هم لي محاربون.. وللقضاء عليّ هم مبرمون.. ولتكميم قلمي.. وتمزيق ورقي.. وقطع لساني.. وبتر قلبي.. وسلب عقلي.. ومحو أفكاري.. هم ماضون.. ولكني..
اعرض عن الجاهل السفيه
فكلُّ ما قال فهو فيه
ما ضرَّ بحر الفرات يوماً
إن خاض بعض الكلاب فيه
ولكني رسمت طريقاً هم عنه غافلون.. ومن منهجه محاذرون.. وفكراً هم له مناوئون.. وأسلوباً هم عن مبتعدون.. أسأل الله العلي القدير العون والتأييد.. على كل جبار عنيد.. وكل من خالف منهج الرب الودود..
متى يشتفي منكِ الفؤاد المعذب
وسهم المنايا من وصالك أقرب
فبعد ووجد واشتياق ورجفة
فلا أنت تدنيني ولا أنا أقرب
كعصفور في كف طفل يزمها
تذوق حياض الموت والطفل يلعب
فلا الطفل ذو عقل يرق لحالها
ولا الطير مطلوق الجناح فيهرب
ولو كان لي قلبان عشت بواحد
وأفردت قلباً في هواكِ يعذب
ولي ألف وجه قد عرفت طريقه
ولكن بلا قلب إلى أين يذهب
وفي الختام أقول لكِ :
إن كان عهود وصلكم قد درست
فالروح إلى سواكم ما أنست
أغصان هواكم بقلبي غرست
منوا بلقائكم وإلا يبست

التوقيع :
زوجك المحب أبداً

حدائق ذات أفنان ج1 ـ الرسائل : 6) (رسالة إلى متكبر)

الرسالة السادسة:
رسالة إلى متكبر:

الحمد لله العزيز الجبار.. جلت عظمته.. وسمت حكمته .. وتجلت في خلقه قدرته.. وعمت على عباده نعمته.. ولا شريك له في ملكه.. إن يشأ يرحم وإن يشأ يعذب.. فمجاز من اهتدى واتقاه.. بجنة رحيبة شيِّقة.. ومعذب من بغى وتكبر.. بنار مستعرة.. وقودها الناس والحجارة.. كسر ظهور الأكاسرة عزه وعلاه.. وقصر أيدي القياصرة عظمته وكبرياؤه.. فالعظمة إزاره.. والكبرياء رداؤه.. ومن نازعه فيهما قصمه بداء الموت فأعجزه دواءُه.. القائل في كتابه العزيز : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } (الأعراف: 146).. وقوله : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ } (النحل:23).. وقوله : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (غافر: 60).. وقوله : { فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } (الزمر:72، غافر76).. وقوله : { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } (الدخان: 43ـ 49) .. والصلاة والسلام على خير مبعوث في الأنام .. الآمر بالتواضع.. والناهي عن الغرور والتكبر.. القائل في الحديث القدسي : << يقول الله سبحانه الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم >> (سنن ابن ماجه [4174] ج2 ص1397) والقائل : << يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال>> (سنن الترمذي [2492] ج4 ص655) والقائل : << بئس العبد عبد تخيل واختال ونسي الكبير المتعال.. بئس العبد عبد تجبر واعتدى ونسي الجبار الأعلى.. بئس العبد عبد سها ولهى ونسي المقابر والبلى.. بئس العبد عبد عتا وطغى ونسي المبتدأ والمنتهى>> (سنن الترمذي [2448] ج4 ص632).. وعلى آله وصحبه المتقين الأكرمين.. وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد:
كم جاهل متواضع
ستر التواضع جهله
ومميز في علمه
هدم التكبر فضله
فدع التكبر ما حييت
ولا تصاحب أهله
فالكبر عيب للفتى
أبدا يقبح فعله

هذه رسالة أرسلها إليك.. بعد أن نفذت كل الطرق والأساليب في إرجاعك إلى حظيرة الإسلام.. ولكني لم أيأس.. فلعل هذه الرسالة تلاقي قلباً واعياً.. وعقلاً ألمعياً.. تزيح عنه غشاوة الظلام بنور اليقين.. وتبدد سحاب الجهل بنسمات الحق..
جد في الجد قد تولى العمر
كم ذا التفريط قد تدانى الأمر
أقبل فعسى يقبل منك العذر
كم تبنى وكم تنقص كم ذا الغدر

فاعلم هداك الله إلى ما يحبه ويرضاه.. أن هذه الحياة مهما طالت وامتدت.. وعمر فيها الإنسان ما عمَّر.. وعاش فيها ما عاش.. وأخذ فيها بمباهجها وزخرفها.. إلا أنها ليست بدار قرار ولا استقرار.. وليست بدار خلود ولا بقاء.. ولا دوام ولا استمرار..
أرى الدنيا لمن هي في يديه
هموماً كلما كثرت لديه
تهين المكرمين لها بصغر
وتكرم كل من هانت عليه
إذا استغنيت عن شيء فدعه
وخذ ما أنت محتاج إليه
إن التقوى من الدنيا بلاغ
ورزق المرء مبعوث إليه

فالدنيا إنما هي دار عبور وسفر.. ورحيل وانتقال.. يعبر منها الإنسان.. إلى دار باقية خالدة.. لا يفنى نعيمها.. كما لا ينقطع عذابها.. فهي تنقسم إلى قسمين.. ويماز أهلها إلى فريقين : { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير} (الشورى: 7).. ينتقل الإنسان إلى تلك الدار.. التي فيها من النعيم لعباد الله الصالحين.. ما لا عين رأت.. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.. ولا تخيله وهم ولا فكر.. فالألباب تحار في حسن صنعة الجنة.. وجمال هيئتها.. وبهجة منظرها.. وعظيم سعتها.. فاسمع معي حينما يصفها من يعرفها.. فيقول سبحانه : { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } (محمد: 15)..
وقوله سبحانه : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ* لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ* وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ} (الواقعة: 10ـ 40).. وغيرها من الآيات الكثيرة.. في وصف الجنة.. والنعيم الذي أعده الله تعالى للطائعين..
إن لله عباداً فطنا
تركوا الدُّنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا
أنها ليست لحيٍّ وطنا
جعلوها لجَّة واتخذوا
صالح الأعمال فيها سفنا

والله سبحانه.. كما أعد للطائعين الثواب.. أعد للعاصين العقاب.. فقد أعد للعصاة المعاندين المتكبرين.. ما لا عين رأت.. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.. ولا تخيله وهم ولا فكر.. فاسمع معي حينما يصفها من يعرفها.. فيقول سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } (النساء: 56) ..
وقوله : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ } (الحاقة: 25ـ 37).. وغيرها من الآيات الكثيرة.. في وصف العقاب الذي أعده الله تعالى للعاصين..
إذا ما ظالم استحسن الظلم مذهباً
ولجَّ عتواً في قبيح اكتسابه
فكله إلى صروف اللَّيالي فإنها
ستبدي له ما لم يكن في حسابه
فكم قد رأينا ظالماً متمرداً
يرى النجم تيهاً تحت ظل ركابه
فعما قليل وهو في غفلاته
أناخت صروف الحادثات ببابه
فأصبح لا مال ولا جاه يرتجى
ولا حسنات تلتقي في كتابه
وجوزي بالأمر الذي كان فاعلاً
وصبَّ عليه الله سوط عذابه


واسمع معي عقاب المتكبرين في الآخرة .. يقول سبحانه : وقوله : { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } (الدخان: 43ـ 49).. فها أنت قد علمت.. ماذا أعد الله للطائعين من عباده.. وماذا أعد للعاصين من عباده.. والخيار راجع لك.. أي الطريقين تختار أن تسلكه.. طريق الشقاوة والضلال.. الذي آخره ندم وتحسر.. أم طريق الهدى والإيمان.. والذي آخره راحة وطمأنينة.. ونعيم مقيم..
يا مظهر الكبر إعجاباً بصورته
أنظر خلاك فإن النتن تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم
ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة
وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك
والعين مرفضة والثغر ملعوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غداً
أقصر فإنك مأكول ومشروب


أيها الرجل.. دع عنك التسويف وتأجيل التوبة.. إلى ما بعد الشباب.. فالموت أقرب إليك من حبل الوريد.. ولا تغررك الدنيا بزخرفها وبريقها.. فهي خداعة مكارة.. لا يأمن جانبها..
كم ضاحك والمنايا فوق هاماته
لو كان يعلم غيباً مات من كمد
من كان لم يؤت علماً في بقاء غد
ماذا تفكُّره في رزق بعد غد


أيها الرجل.. ماذا تفعل لو جاءك الموت.. وأنت على تلك الحالة من الكبر والغرور.. والروح في تغرغرها.. وقد بلغت الحلقوم.. فكيف يكون حالك.. وما هو مآلك.. وترى الأهل واقفين بجوارك.. هذا يبكي.. وذاك يصيح.. وذاك يتلوى.. وذاك يتألم.. وبعد لحظة.. خرجت الروح.. وبدؤوا يغسلونك.. وفي الأكفان يضعونك.. وفي القبر بعد أن صلوا عليك يتركونك.. وبالحصـى والطين يغطونك.. فهل فكرت واستعددت لهذا العمل؟! وهل انتبهت من غفلتك؟!..
وكم من عبرة أصبحت فيها
يلين لها الحديد وأنت قاس
إلى كم والمعاد إلى قريب
تذكر بالمعاد وأنت ناس
وبادرت إلى التوبة والرجوع إلى الحق.. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى } (النازعات: 26)..
وجوههم من سواد الكبر عابسة
كأنما أوفدوا غصباً إلى النار
هانوا على الله فاستاءت مناظرهم
يا ويحهم من مناكيد وفجَّار
ليسوا كقوم إذا لاقيتهم عرضاً
أهدوك من نورهم ما يتحف الساري
من تلق منهم فقد لاقيت سيدهم
مثل النجوم التي يسري بها الساري