الاثنين، 26 أكتوبر 2009

مقدمة عن قبائل ضنك

الأخوة الأعزاء من الولايات التي تتميز بتعدد قبائلهاوتنوعها ، ولاية ضنك ، وهي إحدى ولايات منطقة الظاهرة ، بل هي أوسط عقدها ، تمتاز بواديها الدائم الجريان ، وبأفلاجها العديدة الغزيرة المياه ، وبمعالمها التاريخية الموغله في أعماق التاريخ .لهذه الولاية نزحت الكثير من القبائل ، قحطانية وعدنانية ، وشكلت ـ جميعها ـ تاريخ ضنك ـ الزاخر بالأمجاد ، والبطولات ، وقلاعها وحصونها وبروجها التي تعتنق قمم الجبال شاهد على ذلك .

جاء في " المعاجم اللغوية "ضنك الشيء ضنكاً بمعنى ضاق والضنك الضيق من كل شيء ومعيشة ضنك ضيقة .وفي القرآن الكريم : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ) والضنك ضيق العيش وكل ما ضاق فهو ضنك. وتنطق كلمة ضنك بفتح حرف الضاد وسكون النون حيث يقول الشيخ المؤرخ سالم بن حمود السيابي موضحا النطق الصحيح لكلمة ضنك: "أعلم أن ضنك وهي بضاد مفتوحة ونون ساكنة بعدها كاف من أفخر البلاد وأوسعها".ويذكر المؤرخ ياقوت الحموي في كتابه " معجم البلدان "أن كلمة ضنك تنطق بالفتح ثم السكون وتعني الضيق وذكر أنها اسم موضع لم يحدد مكانه .ثم ذكر بيتا من الشعر لبعض الشعراء يقول فيه :

ويوم بالمجازة والكلندى === ويوم بين ضنك وصومحان

هذا ويطلق كذلك على ضنك اسم " العوجاء " وذلك بسبب تموج واعوجاج مسار الوادي تبعا لمجرى الماء .وقد ذكر مؤلف كتاب " دليل الخليج " كذلك: " أن ضنك كثيرا ما يلفظ اسمها ضنش " .ويرى بعض الباحثين أنها تسمى كذلك " ضك " بحذف حرف النون وعلى الرغم من التقارب في المعنى بين كلمة " ضنك" وكلمة " ضك " إلا إنني لم أجد من ذكر هذه الولاية بهذا الاسم بل جميع المصادر والمراجع مجمعة ومتفقة على أن اسمها ضنك .

ومن خلال تتبع المصادر التاريخية القديمة نرى أن هذا الاسم – أي اسم ضنك - اسما قديما موغلا في أعماق التاريخ حيث نجد أن عددا من المؤرخين والشعراء والرحالة ذكروا هذا الاسم في مؤلفاتهم وأشعارهم .وأول من ذكر هذا الاسم حسب إطلاعي هو الشاعر العماني سّوار بن المضرّب السعدي التميمي وذلك في قصيدته المشهورة النونيةالتي قالها عن عمان مبينا فيها حنينه ولوعته واشتياقه لزيارة موطنه ومرتع صباه حيث يقول:
أحب عمان من حبي سليمى === وما طبي بحب قرى عمان
فلا أنسى ليالي بالكلندى === فنين وكل هذا العيش فانِ
ويوماً بالمجازة يوم صدق === ويوما بين ضنك وصومحانِ

كما ذكر هذا الاسم المؤرخ المقدسي في كتابه " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم "أثناء حديثه عن بعض المدن العمانية .وذكره كذلك العلامة المؤرخ العوتبي ـ وهو من علماء عمان في القرن الرابع الهجري ـ في كتابه " الأنساب"وذلك أثناء حديثه عن القبائل التي استوطنت عمان منذ بداية الهجرة العربية إليها . وقد سميت ضنك بهذا الاسم لوقوعها بين الجبال الشاهقة التي تحيط بها وتكتنفها من كل جانب وتحيط بها كدروع سابغة تحميها من غدر الطبيعة وجبروت الإنسان مما جعل هذا المكان ضيقاً أو ضنكاً .وليس كما يدعي البعض أنها سميت بهذا الاسم بسبب ضيق العيش فيها وشح الموارد فالواقع ينفي ذلك حيث أن وجود هذا الوادي الدائم الجريان منح ضنك خصوبة في الأرض وغزارة في المياه مما جعلها تنتج شتى المحاصيل الزراعية والدليل على الرخاء الذي كانت تعيشه ضنك توافد عدد كبير من القبائل إليها والاستيطان بها واتخاذها مقرا وسكنا لها .

بعد إنهيار سد مأرب أخذت بعض القبائل العربية تحث السير نحو عمان وكان على رأس هذه القبائل مالك بن فهم الأزدي الذي استطاع أن يسيطر على عمان ويكون فيها مملكة عربية قوية استمرت لفترة طويل من الزمن .وبعد أن استقرت قبائل الأزد في بعض مناطق عمان أخذت قبائل أخرى تتوافد إليها وخصوصا من شمال الجزيرة العربية وعملت على الإختلاط مع القبائل التي سبقتها وكونتا معا مزيجا من القبائل التي ما زالت تشكل عمان إلى الآن .وقد كانت ولاية ضنك من المناطق التي وفدت إليها القبائل العربية واستقرت فيها منذ تلك العصور وحتى الآن وتنتسب هذه القبائل إلى القبائل العدنانية والقبائل القحطانية .حيث يذكر المؤرخ العوتبي في " كتابه الأنساب " أثناء حديثه عن القبائل العمانية التي نزلت بعمان بعد هجرتها من جنوب وشمال الجزيرة العربية أن بعض هذه القبائل استوطنت واستقرت في ضنك حيث يقول ما يلي : "ونزل بعمان قوم من بني النبيت من الأنصار في الجاهلية ومنازلهم في قرية يقال لها ضنك من أعمال السر ونزلها ناس من بني الحارث بن كعب ومنازلهم بضنك وهذه البلاد فيها النخل والموز والرمان والأترنج ومزارع الحنطة والذرة ونزلها قوم من قضاعة من بني المقين بن جسر نحو مائة رجل منازلهم بضنك من السر" بل أن المؤرخ العوتبي يذكر أن بعض القبائل وفدت على مناطق معينة من ضنك واستقرت بها حيث يقول : " ومن قبائل بني الحارث الأصغر بن معاوية منهم أهل بيت الصمة يسكنون فدا ".ويقول كذلك : "وأما بنو سعيد بن سعد فكانوا أهل دوت"كما أن الشاعر الكيذاوي وهو من شعراء القرن العاشر الهجري يتطرق إلى ذكر بعض القبائل التي كانت وما زالت تعيش في ولاية ضنك وذلك أثناء حديثه عن مسيرة الملك فلاح بن محسن النبهاني بجيشه إلى وادي بني خالد بصحبة عدد كبير من القبائل من شرق عمان وغربها حيث يقول أثناء حديثه عن قبائل ضنك :
وآل وحشي جميعا في غطارفة === من آل شكر أو من آل فيلان
وفيه آل عزيز مع بني عمر === مع آل حمير مع عبس وذبيان

وقد ذكر المؤرخ مايلز في كتابه ( الخليج بلدانه وقبائله) بعض القبائل التي كانت تعيش في ضنك ومنها : قبيلة بني زيد ، بنو عزيز ، البداة ، النعيم ، بنو ساعدة ، بنو قتب .وذكر كذلك المؤرخ لويمر في كتابه( دليل الخليج ) بعض قبائل ضنك حيث يقول : " وتنقسم ضنك إلى العلاية وتضم خمسة أحياء وسفالة وبها سبعة أحياء ، ويبلغ عدد سكان ضنك 3500 نسمة ينتمون لبني نعيم وسكان السفالة هم من عيال عزيز وعيال حيا والشوامس والوحاشا والشكور" .

توجد في ولاية ضنك العديد من القبائل ، بعهضا قحطانية والأخرى عدنانية ، بعضها قديم في هذه الولاية ولها أماكنها ومعالمها التاريخية وحصونها وبروجها وأفلاجها ، وبعضها وفد منذ فترة ليست بالبعيدة ، إلا أن الجميع أندمج في الحياة بحلوها ومرها ، وشارك وساهم في إزدهار هذه الولاية ورقيها .ومن هذه القبائل :* الساعدي * العيسائي* اليحيائي* العزيزي* المربوعي* المزاحمي* الوحشي* الشكري* الربخي* النعيمي* الشامسي* البادي* اليزيدي / الزيدي* المسماري* العلياني* المطرفي* النقبي* الخنبشي* العلوي* اليعربي* الشكيلي* المنذري* الشملي* الكلباني* المقبالي* الغيثي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق