الخميس، 17 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ـ الرسائل : 1) (رسالة إلى فلسطين)

الحمد لله الذي أمر بقتال الأعداء.. وأنزل على عبده الكتاب فأعجز به البلغاء.. وآمن به الحكماء.. ورضي بحكمه العقلاء.. وجعله لنا هادياً ونذيراً.. ومرشداً وبشيراً.. من تمسك به فقد رشد.. ومن زاغ عنه فقد فسد.. من اعتمد عليه في موالاته ومعاداته فهو له سراج منير.. القائل في كتابه العزيز.. { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216) .. وقوله سبحانه :{ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } (التوبة: 36).. وقوله سبحانه :{ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (التوبة: 111).. والقائل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (الصف:10ـ 13).. والصلاة والسلام على أشرف خلقه.. وخير رسله.. محمد صلى الله عليه وسلم .. الذي مزق الله ببعثته ظلام الكفر.. وجعل من هديه عدم مولاة اليهود والمشركين جملة وتفصيلا.. الحاض على مجاهدة الأعداء.. ونصرة الضعفاء.. القائل : << جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم >>(المستدرك على الصحيحين [2427] ج2 ص91).. والقائل : << رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها >> (صحيح البخاري [2735] ج3 ص1059).. والقائل : << تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو ضامن عليَّ أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة.. والذي نفس محمد بيده ما من كلم يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون الدم وريحه ريح المسك.. والذي نفس محمد بيده لولا أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبداً ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني.. والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل >>( صحيح مسلم [1876] ج3 ص1495).. وعلى آله وصحبه الأطهار.. الذين تحابوا في الله حباً بلغ مبلغ الكمال.. وجاهدوا في سبيل نصرة هذا الدين جهاداً عظيماً.. وأرغموا فيه أنوف الأعداء.. وجاهدوا فيه الكفار والمنافقين والمجوس واليهود والنصارى جهاداً كبيراً.. وتميزوا به عن أهل الضلال والزيغ.. فلم يرضوا منهم بأنصاف الحلول سبيلا.. أما بعد...
أحـلَّ الكفــر بالإسـلام ضيمـاً
يطــول عليــه للديــن النحيـب
فحــق ضائــع وحمـى مبـاح
وسيـــف قاطـــع ودم صبيـب
وكـم من مسلــم أمسـى سليبـاً
ومسلمــة لهــا حـــرم سليـب
وكـم من مسجـد جعلـوه ديـراً
علـى محرابــه نصـب الصليـب
دم الخنزيـر فيـه لهـم خلـوق
وتحريـق المصاحـف فيــه طيـب
أمــور لـو تأمَّلــهن طفــل
لطفّـل في عوارضـــه المشيـب
أتسبـى المسلمـات بكـل ثغــر
وعيــش المسلمين إذن يطيــب
أمـا والله والإســلام حـــق
يدافــع عنــه شبـــان وشيـب
فقل لـذوي البصائـر حيث كانوا
أجيبــوا الله ويحكـــم أجيبــوا

فلسطين .. حاولت أن أكتب عنك كلمة.. أو أرسل إليكِ رسالة.. أو أعبر لك بعبارة.. تعبر عن مدى حزني وألمي.. وهمي وغمي.. بسبب ما يحدث في أرضكِ الطاهرة.. وأماكنك المقدسة.. من قتل وهدم وإحراق وتشريد وعربدة وفساد.. ولكن.. ماذا أكتب؟! وماذا أقول؟! ولمن أكتب؟! وهل هناك من يسمع أو يعقل؟! في هذا الزمن العاثر.. الذي تغيرت فيه المفاهيم.. وتبدلت القيم والأخلاق.. وسيطر الأوباش على حياة الناس.. تساؤلات تدور في خاطري.. تارة تشدني إلى الكتابة.. وتارة أخرى تبعدني عنها بسبب اليأس والسآمة.. لما آلت إليه أمتي من الضعف والوهن.. والجبن والخوف.. والاستجداء من الأعداء.. وطلب العون والتأييد من العبيد.. والرضوخ للطغاة ومصاصي الدماء.. فهذه الأمور مجتمعة منعتني بعض الوقت عن الكتابة.. وآلت بي إلى الركون والدعة.. ولكن عقلي لم يركن لمطالب جسدي.. وفكري لم يستجب لوسوسة نفسي.. فلم يتوقف عن التفكير.. والبحث عن المخرج أو السبيل.. فأخذ يشجعني على الكتابة.. ويؤملني بالانتصار على النفس وقيود الأعذار.. وينصحني بالكتابة في التو والحال.. وقذف بركان غضبي حتى لا ينفجر فيحرق جسدي.. ولكني قبل أن أكتب مقالي إليك يا فلسطين تساءلت.. هل أكتب نعي لوفاتك بسبب تخاذل الأمة الإسلامية عن نصرتك؟!.. أم أكتب عن الجرائم والمذابح والمجازر والتقتيل في شعبكِ الأبي؟! .. أم أكتب عن أساليب الاغتيالات الإسرائيلية وبشاعتها وهمجيتها؟!.. أم أكتب عن هدم البيوت وتدنيس المساجد؟! .. أم أكتب عن اغتصاب أرض وهتك عرض؟!.. أم أكتب عن المؤامرة العالمية لإخراجكِ من الأمة الإسلامية؟!.. أم أكتب أهنئك أم أعزيك بشهدائك الأبطال البواسل؟!.. أم أكتب لأحيي فيك انتفاضتك المباركة؟!.. أم أكتب عن أطفال الحجارة العظام؟!.. أم بصمود شعبك الجبار في وجه الأشرار؟!.. أم أكتب عن تاريخكِ العظيم؟!.. أم أكتب عن النكسات والهزائم؟!.. أم أكتب عن التشريد والتهجير؟! .. أم أكتب عن المخيمات واللاجئين؟!.. أم أكتب عن إراقة الدم الطاهر الزكي على عرصات الطهر والقداسة؟!.. أم أكتب عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل أناس لا يعترفون بالنظـام؟!.. أم أكتب عن قتـل الأطفـال والرضع؟!.. أم أكتب عن قتل النساء والعجائز؟!.. أم أكتب عن بقر بطون الحوامل؟!.. أم أكتب عن حادثة اغتيال البراءة؟!!.. أم أكتب عن الطفولة وما تعانيه من الألم والظلم والقسوة؟!!.. أم أكتب عن التخويف والتجويع؟!.. أم أكتب عن الحصار والتركيع؟!.. أم أكتب عن التنكيل والتذليل؟!.. أم أكتب عن السجون والمعتقلات؟!.. أم أكتب عن عربدة الأشرار في أرضكِ الطاهرة وسكوت العالم الحر؟!.. أم أكتب عن تاريخ اليهود الدامي الأسود؟!.. أم .. أم .. أم.. لقد حار فكري وتشتت أفكاري.. فلا أدري ماذا أكتب؟!.. ولمن أكتب؟!.. وهل تفيد في هذا الزمن الكتابة؟!.. وهل ينفع الكلام؟!.. وهل هناك من يسمع؟!.. وهل هناك من يبصر؟!.. بعد أن انطمست البصائر.. وتحجرت القلوب.. وتاه الناس في متاهات السلام!!.. وغرد الصقر بين أسراب الحمام؟!!.. ولكن رغم ذلك قررت أن أكتب إليكِ يا فلسطين.. سمع من سمع.. وقرأ من قرأ.. وعقل من عقل.. فلا يهمني إلا أنت ...
ألإسرائيــل تعلــو رايــة
في حمى المهـد وظل الحـرم
رب وامعتصمـاه انطلقــت
ملء أفـواه الصبايــا اليتـم
لامسـت أسماعــهم لكنـها
لم تلامـس نخـوة المعتصـم
فلسطين .. يا أرض العفة والنقاء .. يا أرض البطولة والفداء .. يا أرض الأمجاد والعطاء .. يا أرض الجدود والآباء.. يا أرض السعادة والنماء .. يا أرض المعراج إلى السماء.. يا أرض العزة والإباء.. يا أرض المجد والرخاء.. يا أرض الجهاد وساحات الأقوياء.. يا أرض الطهر ورسالة السماء.. يا أرض الإيمان والعلماء .. يا أرض الرسالات وحضارة العظماء.. يا أرض القدس الشماء.. يا منبع الروح ومنبت الفداء.. إننا على العهد والوفاء.. وماضون في طريقنا رغم القيود وهذا البلاء.. ولكن إلى متى هذا الجفاء من أمة خرساء وعمياء؟!.. أما آن لها النهوض وترك البكاء.. على ما مضى من تاريخ الآباء.. ونسيان الماضي.. والعمل للتشييد والبناء.. وبناء تاريخ مشرق يفتخر به الأبناء.. واستئصال من أرضنا الطاهرة ذلك الوباء.. لتعود لنا أرض الجدود والآباء.. ولتعود لنا إشراقة الصبح وابتسامة المساء.. ونصلي في المسجد الطاهر ركعتي شكر على تلك النعماء..
أيها الشادي بلحن كف عيناً دامعه
إنما يحلو نشيدي يوم جردت الحسام
ثم صليت بساحي وقرأت الواقعة
وسبقت الخطو تعدو بين أرجاء الزحام
كي تذيقن الأعادي ما لعوالي صانعة
كيف رد الفعل منا في ضروب الانتقام
حربنا كر وفر وسموم ناقعة
وبنو صهيون صرعى تلفظ الموت الزؤام
فلسطين .. دعي مبادئ الغرب ومناشدة حقوق الإنسان.. دعي الأمم المتحدة والتوسل إلى الأمريكان.. دعي قرارات مجلس الأمن التي أصبحت يتهكم عليها الصبيان.. دعي مقارعة الصمان والعميان.. فقد مات الضمير وانعدم الإحساس في ذلك الإنسان.. وعششت في نفوسهم عولمة هذا الزمان.. فالأمم المتحدة أصبحت مأوى كل ظالم وشيطان.. ومجلس الأمن حامل لواء الصلبان.. إذا أراد أن يظهر حقاً نسف بفيتو الأمريكان.. وبـوش الابن كان أعمى حيث أنه لم يشاهد شعب يذبح مثل الخرفان.. وأطفال كانوا ضحية غدر ولم تتجاوز أعمارهم السنتين.. بيوت تهدم وأشلاء متحولة من أبدان.. لم يشاهد التدمير والخراب في كل مكان.. لم يشاهد الحصار والتجويع لتركيع أولئك الشجعان.. لم يشاهد عربدة شعب لا يعترف بقانون ولا حقوق الإنسان.. فكان أعمى وأصم وفوق ذلك أطلق لسانه بالهذيان.. ولم يقتنع بحقيقة أمره ولكنه تبجح وأطلق على الجزار ورجل الإرهاب رجل السلام؟!!.. والشعب المظلوم المطحون إرهاب وأعداء للسلام؟!! فهذه هي مقاييس أهل الطغيان.. وهذه هي مفاهيم أهل الجبروت والصلبان..
وهذه يهود المكر باتت لسحقنا
تعد قواها خلفنا وتؤهب
إذا لاح وجه الصبح تطفئ نوره
غيوم تغطي الأفق الأرض عنا وتحجب
فهبي هبة مارد غضبان.. واقتلعي جذور الظلم من السيسان.. لتعود الأرض والعمران.. ويعود الوطن المنشود إلى الأحضان.. ويعود أصحاب الشتات من الهجران.. ويعود الفلاح لزرع البستان.. وتعود ابتسامة البراءة ويعود الأمان.. فلا ينفعكِ في هذا الزمن بوش ولا كوفي عنان(1).. ما داموا يسبحون في بحر شارون ذلك الجبان.. قسماً قصر الأمد أو طال الزمان.. ستحرر أرضك من الطغيان.. إن اتبعتِ سبيل الرحمن.. وسلكت طريق أهل الرضوان.. وتركت طاعة أهل الكفر والفسوق والعصيان...
أفق فالدجى ولى مع الأمس مدبرا
ولاح نهار الجد والجد أصعب
وودع فراش النوم وانفض خموله
ودنيا ظلال الذل فالموت أصعب
وخض بفؤاد الصبر عاصفة الردى
فخوض دواهيها أعز وأصلب
وشدو أغانيها يهزك رجعه
وريح شذاها في الشدائد أطيب
أفق من سبات مل هذا الكون طوله
فحولك آلاف المذابح تندب
فيا ضائعاً في التيه من غير مقصد
تعلق بركب النور فالتيه مرعب
فقد ضل من سارت خطاه بلا هدى
وليس له بين الخلائق مأرب
فلسطين .. يا مقبرة الأطهار.. ومنبت الأخيار .. ومساكن الأبرار.. وشعبها الجبار.. وأطفالك الذين هم رمز المنار.. وبهم نلنا العز والوقار.. فتحية إجلال وإكبار.. لأولئك الصغار في الجسم وفي الأفعال كبار.. والذين مسحوا من حاضرنا العار.. وتحية أيضاً لشهيدنا البطل المغوار.. قاهر الصعاب والأخطار.. فبك إسرائيل أصابها الجنون والسعار.. وأصاب شعبها الهلع والخوف والإعسار.. وأصاب اقتصادها الإفلاس والدمار.. وبك حلت في دارنا الأنوار.. بعد ظلمة القرار.. والاتكال على الأقدار.. ونسيان الاعتماد على الواحد القهار.. وصار الذي صار...
دم الشهداء مداد الكرا
مة .. مصباحنا في دياجي المحن
بإقدامهم سطروا المعجزات
جهاداً يدكُّ جدار الوهن
ويحطم قيد الخنوع الذميم
ويخلع عنا رداء الكفن
فندرك من نحن!! ما حقُّنا
ونصحو لنملأ عين الزمن!
فلسطين .. لقد لحق بنا باغتصابك العار.. ونسينا حق الأهل والجار.. ومن جبننا اختبأنا تحت الخمار.. وكل شيء في حياتنا قد بار.. وأصبحت حياتنا لا يوجد فيها يوم سار.. وتناسينا المبدأ والمنتهى والقرار.. وأن هناك يوماً حاراً.. وتناسينا لقيا الملك الجبار..الذي لا تخفى عليه خافية في الليل ولا في النهار.. فإسرائيل في بلادنا تهدم وتدمر ونحن في اجتماعاتنا ومنتدياتنا نطالب بالإعمار؟!.. وإسرائيل تقضي على الأخضـر واليابـس ونحن نناقش قضية إرهاب الصغار؟!!.. فأصبح حالنا أن إسرائيل ترعبنا بالدبابات والجرار.. ونحن نرعبها بالكلام النشاز والشنار.. وتارة بالتنديد والاستنكار.. وتارة بالإدانة والشجب الذي أصبح رمزنا يا للعار.. واكتفت أمتي من الاجتماعات المنعقدة بعرض القرار.. وقالت عقب كل اجتماع يكفينا لضحايا شعبنا من اليهود الاعتذار.. ونادى منادي في الملأ بعد الاجتماع هيا يا صحبي إلى البار.. لنحتسي كأس الانتصار؟!!.. ولم تتعظ أمتي من قصص اليهود في القرآن وفي سيرة خير الأبرار.. وأنها وجدت هذه القصص للاتعاظ والاعتبار.. والاستذكار والاستعبار.. لا للتفكه والتندر في الحل والأسفار.. ولم تتيقن أمتي بعد أن اليهود ليس عندهم ذمة ولا عهد ولا وقار.. فحق علينا الهوان وأن يقذفنا ربنا في النار.. وأن يسوينا مع زمرة الكفار والفجار...
ناديت قومي والرياح عنيفة
والصمت كهف والظلام مخيم
ناديت لكن الذي ناديته
أعمى أصم عن الحقيقة أبكم
ناديت لكن الذي ناديته
أمسى على ماء التخاذل يرقم
ناديت لكن الذي ناديته
بالنوم في الفرش الوفيرة مغرم
ويئست ثم تركت قومي بعضهم
يبدي تآمره وبعض يكتم
ومضيت وحدي في دروب عزيمتي
إن المجاهد حين يصدق يعزم
ورأيت أعدائي صغاراً كلما
واجهتهم بيقين قلبي أحجموا
وغدوت أدعو من رجال عشيرتي
من سافروا خلف السراب ودمدموا
يا من رحلتم في دروب شوكها
صعب المراس ورملها متكوم
هذي منابركم تزلزل نفسها
سأماً وقد كفرت بما قررتمو
طيروا بأجنحة السياسة حيثما
شئتم وقولوا ما أردتم وارسموا
وقفوا أمام وسائل الإعلام في
صمت لتأخذ صورة وتبسموا
واستمطروا من هيئة الأمم التي
هرمت بقايا عطفها كي تغنموا
وترقبوا تأشيرة لدخولكم
فلربما جادوا بها وتكرموا
وابنوا لكم في كل أرض دولة
ألشعب والحكام فيها أنتمو
ودعوا لنا درب الجهاد فإنه
درب الخلاص لنا وإن كابرتموا

وغنت المطربة في ساحة الأقصى أغنية السلام.. وتلاطمت كؤوس نخب الانتصار.. وأعلنت الراقصة إن هذا اليوم يوم عيد ورقصها بالمجان.. وأعلن التلفاز أنه قد حان رفع الحصار.. وخروج الاستعمار.. وقص شريط الانتصار.. وحان مسح العار.. فكما ترين هذا هو حال أمتي.. وهذه هي أحلامهم وأمانيهم في هذا الزمان.. وهذا الذي كان وصار وما زال..
وإذا سألتم عن بني قومي ففي
كتب الحقيقة ما يمضُّ ويؤلم
لا تسألوا عن حالهم فهناك من
يمحو مآثر شعبه ويهدم
وهناك من يبني سعادته على
كتف الضعيف ويستبد ويظلم
وهناك من يسخو على شهواته
ويمضه في المكرمات الدرهم
وهناك من ينسى بأن رحاله
تمضي وأن الموت أمر مبرم
إني أقول وللدفاتر ضجة
حولي تهيب من صداها المرسم
لو كان أمر الناس في أيديهمو
ما مات فرعون وقام المأتم
لو كان أمر الناس في أيديهمو
ما ظل مكتوف اليدين الأشرم
لو كان أمر الناس في أيديهمو
ما سف من ترب الهزيمة رستم
سكت الرصاص فيا حجارة حدثي
أن العقيدة قوة لا تهزم
فمالك إلا نفسك.. فكسري القيد.. وحلي الأغلال..وفكي الرباط.. وحلقي في السماء.. وغردي خارج السرب.. بعد التوكل على الرب.. تظفري بالنصر.. وتفوزي بالأرض.. وتحفظي العرض...
وإن طوقتنــي جيــوش الظـلام
فإنــي علـى ثقــة بالصبــاح
وإنــي علـى ثقــة من طريقي
إلـى الله ربِّ السَّنــا والشـروق
فـإن عاقنـي الشـوق أو عقنــي
فإنـي أميــن لعهــدي الوثيـق
أخـي أخــذوك علــى إثرنـا
وفـوج على إثـر فـوج جــديد
فـإن أنــا مـتُّ فإنــي شهيـد
وأنـت ستمضـي بنصـر مجيـد
قـد اختارنــا الله فـي دعوتــه
وإنَّـا سنمضــي علـى سنتــه
فمنَّـا الذيــن قضــوا نحبـهم
ومنــا الحفيــظ علـى ذمتـه
أخـي فامـض لا تلتفـت للـوراء
طريقـك قــد خضبتـه الدمـاء
ولا تلتفـت هـاهنـا أو هنــاك
ولا تتطلــع لغيــر السمــاء
فلسطين.. إن جحدك الجاحدون.. ورماك الحاسدون.. ومزقك المغتصبون .. وانهال عليك النمامون.. وثبطك المثبطون.. وتكاسل عن نصرتك الجبناء.. وباع أرضك الخائنون.. وتاجر بك المرابون.. وتشمت بك الحاقدون.. وحاك المؤامرة في استئصالك الأعداء.. وساوم عليك الأنذال والسفهاء.. ونساكِ البلهاء.. ولم تسلمي من لسان الأغبياء.. فأنت في القلوب راسخة.. ونحن على حبك ثابتون.. وعلى عهدنا ووعدنا ماضون.. وفي سبيل تحريرك سالكـون.. وإن وجدنـا في طريقنا القـلاع والحصـون.. لن يثبطنا عن تقبيل ترابك ولو بعد حين...
لا الشرق يبغي عزنا كلا ولا
غرب التحلل إنه كالحية
الكل يبغي ذلنا وهواننا
من غير ربي منقـذ من حيرتي؟
فلسطين.. لقد فتحك عمر الفاروق.. وحررك صلاح الدين الأيوبي.. أما الآن.. فأمتي نائمة.. وعن الجهاد راقدة.. وفي اللهو سامدة.. وفي الملذات منغمسة.. وتنتظر .. عمراً ثانياً أو صلاحاً آخراً.. حتى يحرر أرضكِ من دون سلاح.. ويأتي بالنصر والفلاح.. واستمر هذا الحال دهوراً.. نمني أنفسنا بالأوهام والأحلام.. والإعلام يوهمنا بهذه الأكذوبة حتى أصبحنا لا نفرق بين الواقع والخيال.. ولم نكتفِ بهذا ولكن كنا نرجوا من الزمان أن ينجب لنا غلاماً.. لعله يوقظ فينا ما قد نام.. وليحيي ما قد مات.. ولكن لم يستجب الزمان.. ولم يأت الغلام.. ثم دعونا مرة أخرى ليعود صلاح من الأجداث .. وننادي عند قبره بأعلى صوتنا .. قم يا صلاح .. قم يا صلاح.. فقد آن وقت النصر والنجاح.. وقد حان موعد الكفاح.. وندعوه كل مساء وصباح.. لعله ينهض من قبره ويطهر الأرض من والأوساخ والأنجاس.. ويزيل ما علق من دنس الأرجاس.. ولكن لم يسمعنا صلاح.. ولم يقم صلاح.. ولم يأت صلاح.. ولكن ذهبت مع نداءاتنا الأراضي والأرواح.. ودمرت البيوت والسلاح.. وهتكت الأعراض واغتيل الصلاح.. ولم يهمنا ذلك ولكن همنا عودة صلاح.. ولم نيأس من عدم استجابته لنا ولا من كثرة النباح.. ولكن في خضم هذه الكوارث جاءت الأيام الملاح .. ووجد المنقذ ووجد الفلاح.. ووجد من يأتي بالخلاص والإصلاح.. حيث تراءت لي لمحة من أمل في عودة أيام صلاح.. ولكن ليس فيها صلاح .. إنما فيها أحفاد صلاح.. إنهم أطفال الحجارة رجال في زمن الأشباح..
أماه قد أزف الرحيل فهيئي كفن الردى
أماه إني زاحف للموت لن أترددا
أماه لا تبكي عليَّ إذا سقطت ممددا
فالموت ليس يخيفني ومناي أن استشهدا
والحرُّ يأبى أن يلين وأن يهادن مفسدا
أنهم هم أملنا في عودة أيامنا الملاح.. وعودة حي على الفلاح.. ويعود كل ما قد راح.. مع إشراقة شمس الصباح...
لا تخـش يـا أبتــي علـيَّ فربمـا
قامـت على عـزم الصغيـر بــلاد
دعنـا نسافــر فـي دروب إبائنـا
ولنـا من الهـــمم العظيمــة زاد
ميعادنــا النصـر المبيـن فإن يكن
مـــوت فعنــد إلهنــا الميعـاد
دعنــا نمــت حتى ننـال شهـادة
فالمــوت في درب الهـدى ميــلاد
((تمت))

(1) للعلم : كتبت هذه الرسالة عندما كان كفي عنان أمين عام الأمم المتحدة وشارون زعيم الكيان الصهيوني..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق