الأحد، 13 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( هذيان ما قبل الموت)

قد يعتبره البعض.. هذياناً وثرثرة لا طائل منها.. أما البعض الآخر.. فيعتبره من صميم الواقع المرير المؤلم.. والذي يعيشه العالم الإسلامي في عصرنا الحاضر.. هذه كلمات سطرها قلمي العزيز.. بعد أن كثر أنينه من إثر قيود الصمت التي أطبقتها عليه.. والأغلال التي كبلته بها.. وبسبب شوقه للحرية.. بعد أن حبسته في قيود الخوف والفكر المتعفن.. فكممت فاه.. وأرقت مداه.. حتى يشاركني في الجرم المشهود.. ويرضى بالوضع الذي نحن من أجله قعود.. ولكنه أبى بكل عزة وشموخ.. أن يعيش في هذا الجو القاتل.. وتحت براثن هذا الفكر المتعفن.. وأبى أن يعيش حياة الملوك وفي عنقه قيود العبيد.. فكسر الأغلال والقيود.. ومزق الصمت.. وأذاب السكون.. وانطلق يسطر بعض الكلمات.. بلوعة وأسى.. وحزن ومرارة.. لعله يواسي نفسه.. بسبب العيشة التي نحياها والتي لا يحياها إلا العبيد.. وبسبب ما آل إليه العالم الإسلامي من تشتت وتشرذم.. وما آلت إليه مجتمعاته من تصدع وتدهور.. وما آل إليه شبابه من خلاعة وتهكم وميوعة وضياع وانحلال.. وذلك بسبب ابتعادهم عن المنهج الرباني.. وانغماسهم في الملذات والشهوات.. وارتكابهم المعاصي والموبقات.. وإتباعهم أصحاب الخنا والرذيلة.. ومحاربتهم للعفة والفضيلة.. والسير في درب كل ناعق.. ولا أطيل عليكم المقال.. ولنستمع إلى تساؤلات واستفسارات هذا القلم الجريح.. لعلنا قد نراجع أنفسنا.. ونصحح أوضاعنا.. إذا كان بنا رمق من الحياة؟!!.. أو بقايا من الأحاسيس؟!!.. أو قليل من الحياء؟!!.. أو نسمات من العفة والفضيلة؟!!.. أو لمسات من المروءة والأخلاق؟!!.. بعد أن ضاعت كلها في زخم الحياة.. والجري وراء الملذات.. وإتباع الهوى والشهوات؟!!.. إلهي..
إن الذين أمرتهم أن يعدلوا
نبذوا كتابك واستحلوا المحرما

فيقول قلمي : يا صاحبي اسمح لي أن أسألك بعض الأسئلة وأريد منك أن تجيب عنها كلها.. وكما عودتني دائماً بصراحتك المعهودة.. فيا صاح :
ما للظلام ينام فوق منائري
ما للكلام يضيع بين الأسطر
ما للرشاد يغطُّ في أحلامه
حيران يسبح في أسى وتفطر
ما للدُّعاة تهيبت ميدانها
وتحرجت فيه ولم تتجسر
ما زال يصعد نصحهم متأججاً
حتى يموت على جدار المنبر
ما للفساد توطدت أطنابه
فوق القلوب بقسوة وتجبُّر
ما للضلال يسود بين حماية
والخير يجرف في الخضمِّ الزاخر
ما للمجون تجمعت أعوانه
وتعاونت في الشر لم تتناحر
ما للشباب تميعت أعواده
وترهلت لا تستقيم لكاسر
ما للنصيحة لا تغل ثمارها
كالحب يبذر في اليباب المقفر
ما للشباب يصدُّ عن أمجاده
بسذاجة وبساطة كالقصَّر
ثم من منكم ينفطر قلبه لمشاهدة فاجر ينتهك حرمات الله.. ويفتخر أمام أعوانه.. ويتباهى أمام خلانه؟!!.. ولكن..
إذا ما الجهل خيم في بلاد
رأيت أسودها مسخت قرودا
من منكم يعتريه هم أو غم.. لرؤية أناس غرهم الشيطان.. وقد تمادوا في غيهم.. فأنساهم ذكر الله.. والعمل بما فيه رضاه؟!!..
وليس بعامر بنيان قوم
إذا أخلاقهم كانت خرابا
من منكم يصاب بلوعة أو غثيان.. عند سماع أشباه الرجال ولا رجال.. يتفوهون بكلمات بذيئة.. وعبارات سمجة.. ـ تنم عن مدى الحقد الدفين الذي يعتريهم ـ تخلو من المشاعر والأحاسيس.. ضد أناس عرفوا الطريق الصحيح فاتبعوه.. ورأوا الباطل باطلاً فاجتنبوه؟!!..
وما حسن الجسوم لهم بزين
إذا كانت خلائقهم قباحا
من منكم يتجرع غصات الألم.. عندما يبصر كل يوم.. سقوط شاب أو شابة.. في براثن الرذيلة.. ومستنقع المعصية.. وقاذورات الخطايا.. وأوساخ الذنوب.. فينسلخ من القيم والأخلاق.. ومن المروءة والشهامة.. ومن العزة والسؤدد.. ومن النبل والكرامة.. فينخرط في سلك العبودية.. وقيود المعاصي.. وأغلال الذنوب.. ويعيش العيشة البهيمية.. بدون هدف في هذه الحياة؟!!..
وما الحسن في وجه الفتى شرفاً له
إذا لم يكن في فعله والخلائق
من منكم يتقطع فؤاده.. عندما يرى أباً أو مربياً.. همه الوحيد.. عبادة الدرهم والدينار.. واللهث وراء متاع الدنيا الزائل.. والجري وراء الريال؟!!..
ومن كانت الدنيا هواه وهمه
سبته المنى واستعبدته المطامع
من منكم يصاب بحسرة وندم.. عندما يرى الضلال قد عم.. والجهل قد تفشى.. والمعاصي قد انتشرت.. والفواحش قد فاشت.. والمنكر أصبح معروفاً.. والمعروف منكراً.. وتبدلت الأفكار والقيم.. وانهارت الأخلاق والفضائل.. وتبخرت العفة والحياء.. وانقرضت المروءة والشهامة.. وتميعت الرجولة؟!!..
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتماً وعويلا
من منكم يبغض الشواذ.. والمغيرين لخلق الله.. الطامسين للفطرة.. الغارقين في اللذة.. التائهين في الظلمة.. الدائسين على القيم والأخلاق.. الساخرين من الفضيلة.. والمتربعين على عرش المفاسد والضلال.. والمتبجحين بكل رذيلة؟!!.. ولكن..
إذا لم تصن عرضاً ولم تخش خالقاً
وتستحي مخلوقاً فما شئت فاصنع
من منكم يكره المحارب لحدود الله.. المفتخر بانتهاك حرمات الله.. عربيد في الليل.. وجيفة قذرة في النهار؟!!..
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
من منكم يعتصر ألماً.. عندما يرى أبناء القردة والخنازير.. يفسدون في الأرض.. ويأتمرون على الإسلام.. ويبيدون أهله.. ويطمسون معالمه.. ويدمرون مقدساته.. وينتهكون حرماته.. والمسلمون في سبات يغطون؟!!.. ولكن..
قضى الله أن البغي يصرع أهله
وأن على الباغي تدور الدوائر
من منكم يتألم.. عندما يرى أعوان الباطل يمرحون ويسرحون.. دون أن يردعهم رادع.. ويعيثون في الأرض فساداً.. فيتقزم الحق.. ويتعملق الباطل.. في زمن تعملق الأقزام.. لأن حملة الفضيلة نيام.. وأصحاب العقيدة في سبات.. والكل يحلم بالصلاة في الأقصى؟!!..
وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العجز أن تموت جباناً
من منكم يستنكر الشرك بالله.. والتقول على الله.. وقول الزور.. أو العمل به.. أو الكبر والعجب والرياء.. وغيرها من آفات المجتمع الحاضر.. والتي تفشت في المجتمعات.. وأصبحت لا تطاق؟!!.. ولكن..
ليس البلية في أيامنا عجب
بل السلامة فيها أعجب العجب
من منكم يكره استباحة الكذب أو النفاق أو الغيبة أو النميمة.. بداعي الإصلاح.. أو بمسميات رنانة أخرى؟!!.. فيا أخي..
السهل أهون مسلكاً
فدع الطريق الأوعرا
وأحفظ لسانك تستريح
فقد كفى ما قد جرى
من منكم يحب العمل الصالح.. والعمل به.. والأمر بالمعروف.. والنهي عن المنكر.. ولكنكم قوم.. قول بلا عمل.. وأماني بلا سعي.. وعلم بلا تطبيق؟!!.. فكيف..
تعص الإله وأنت تظهر حبه
هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لاطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
من منكم يعترف بخطئه وتقصيره.. عند بلوج الحق.. وانكشاف الباطل.. وبزوغ الحقيقة.. ولكنكم تتحججون بآفة النسيان في كل مرة.. وفي الحقيقة.. هي آفة الكبر.. وعدم الاعتراف بالحق.. وإن كان واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار؟!!.. فأعلم أن..
ملاءى السنابل تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن شوامخ
من منكم يكره المنافق والخؤون والحسود.. ويكره التعامل معهم.. ولكنكم تتعاملون معهم.. بداعي أنه من متطلبات الحياة.. وحكمة العصر.. ولترطيب القلوب؟!!.. فيا صاح..
دع ما يريب وخذ فيما خلقت له
لعل قلبك بالإيمان ينتفع
من منكم يعبد الله حق عبادته.. دون رياء أو مجاملة.. في عصر التشكل والتلون.. عصر الأشكال اللماعة البراقة؟!!.. وأعلم أنه..
إذا آمن الإنسان بالله فليكن
لبيباً ولا يخلط بإيمانه كفرا
من منكم عندما يصاب بنكسة أو مصيبة.. في زمن المحنة.. يجليها بنسائم الحق.. وبرد اليقين.. ولا يقيدها بقيود التأوه واليأس والقنوط من الرحمة.. فيعتقد إن هذا اختبار لابد أن يتفوق عليه؟!!.. وأنه..
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيباً
كاسفاً باله قليل الرجاء
من منكم عندما يشرع في الصلاة.. يخشع في صلاته.. فيحس بطمأنينة ووقار.. وأمن وأمان.. في زمن السرعة ؟!!.. ولكن..
عجبت لمعشر صلُُّوا وصاموا
ظواهر خشية وتقى كذاباً
من منكم إذا تصدق.. أخفى ما جاد به.. حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه.. في عصر التفاخر والتباهي؟!! ولكن..
ثوب الرياء يشف عما تحته
فإذا التحفت به فإنك عار
من منكم عندما يتذكر الجنة.. يبكي شوقاً إليها.. ويقشعر بدنه.. عند سماع ذكر النار؟!!..
وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان لهم ركابا
من منكم يثور غضباً.. عندما يرى أعراض المسلمين تستباح وتنتهك.. وأراضيهم تقسم وتمزق.. ومقدساتهم تدمر وتهدم.. ورموزهم يتهكم بها.. ودستورهم يمزق ويدنس.. وأولادهم يهودون أو ينصرون؟!!.. ولكن..
لن تبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
من منكم يعتلجه الأسى.. على ما آل إليه المسلمون.. عندما ماعت أخلاقهم.. وتبدلت أفكارهم.. وتعفنت فطرتهم.. واعوج فكرهم.. ونسوا هدفهم في الحياة.. وأهملوا دينهم.. وانشغلوا بدنياهم.. واتبعوا هواهم.. فحق عليهم الذل والهوان.. والضعف والوهن.. والتشتت والضياع.. والفقر والجوع.. والتيه والضلال؟!!..
أيفيـد فـي هـذا الزمـان بياني
فأفيـض في قولـي وفـي تبياني
أم أنـها الأهـوال تغمـر مهجتي
فأعيـش فـي الآلام والأشجـان
ماذا أحـدث والجروح خطيـرة
من حقـد طاغيــة وكيـد جبان
أحداث أمـة أحمـد ومصابـها
أدمـى فـؤادي واستثـار لساني
فالمسلمـون بكل أرض حوربوا
في الهند والأقصى وفـي البلقان
لقد تغيرت أفكار أبناء المسلمين.. وطغت عليهم المادة.. وأصبحوا يلهثون وراء الدرهم والدينار.. وينغمسون في الحرام.. ويرتكبون المعاصي والآثام.. ويستبيحون معاقرة المدام.. ويركضون وراء ربات الخيام.. وصار المعروف عندهم منكراً.. والمنكر معروفاً.. وتطاول أرباب الخنا والرذيلة.. على أهل العلم والفضيلة.. وحاربوا الحياء والشرف.. ومرغوا بالقيم والأخلاق.. واتبعوا الشيطان والنفس والهوى.. ونسوا المبدأ والمنتهى.. فحق عليهم الذل والهوان!!..فـ
هذا جزاء أناس بالهوى غلبوا
وقصروا في أمور الدين فاستلبوا
كانوا شموساً عيون الناس ترمقهم
لكنهم بعد طول الدهر قد غربوا
فيا صاحبي.. لقد حرفتم في الدين فأضعتموه.. وصغتموه حسب هواكم ومبتغاكم.. وتحارشتم على الدنيا فأفسدتموها.. وغيرتم الأفكار.. وميعتم المعتقدات.. وبدلتم في المفاهيم.. فباسم الدين تشنون الحروب الطاحنة.. وباسم الدين تقتلون الأبرياء والمساكين.. وباسم الدين تغتصبون الأراضي والممتلكات.. وباسم الدين تنتهكون الأعراض.. وتكذبون.. وتغشون.. وتسرقون.. وتخادعون.. وتنمون.. وتغتابون.. وتخونون.. وكل هذا باسم الدين.. والدين منكم بريء.. براءة الذئب من دم ابن يعقوب!!..
ودع الذين إذا أتوك تنسكوا
وإذا خلوا فهم ذئاب خراف

ثم قطعت عليه تساؤلاته وأوهامه.. وتخيلاته اللاذعة.. والتي هي في نظري عارية من الصحة والدليل؟؟!!! وقلت له : يا قلمي العزيز.. لقد سمعت تساؤلاتك.. ولقد آلمني ما آلمك!!.. وأحزنني ما أحزنك!!.. ولكن.. لا يؤدي هذا كله إلى التشاؤم!!.. والأمة الإسلامية فيها الخير الكثير إلى يوم القيامة.. فدع عنك هذا الهذيان.. ودع عنك هذا الكلام والذي لا يأتي إلا بالأوجاع والأسقام.. والدنيا والحمد لله في ألف خير.. وفي أمن وسلام.. اترك هذا الهذر من الكلام.. حتى لا يسمعك أصحاب السلام.. ويقولوا عنا إننا أمة ليس لها هم إلا تنفيذ حكم الإعدام!!.. ويقولوا عنا أيضاً.. أننا أمة معقدة ومتخلفة.. لا تنظر إلا تحت أرجلها.. واحذر من عثرات اللسان.. حتى لا ينظر الغرب إلى الإسلام على أنه تشدد وتزمت.. فيعتقدوا أن المسلمين كلهم أصوليون وإرهابيون..
احذر لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الفرسان
فلابد أن نحسن الصورة.. وأن نجمل الشكل.. حتى ينتشر الإسلام.. ونحن نعيش الآن يا قلمي الناصح.. في زمن السلام.. وأنصحك بترك هذه الشعارات الثورية.. وهذه العبارات النارية.. ودع الأقوال المدمرة.. والكلمات القاسية.. الخالية من معاني الصحة!!.. والبعيدة كل البعد عن الصواب!!.. وابتعد عن قراءة الكتب.. التي تلوث العقل.. وتجلب الهم والغم.. وابتعد عن سماع الأشرطة التي تثير الأحزان.. وتقلب المواجع.. وتزيد الأسقام..
الصمت يكسب أهله
صدق المودة والمحبه
والقول يستدعي لصا
حبه المذمة والمسبه
فاترك كلاماً لاغياً
ولا يكن لك فيه رغبه
وابتعد عن اليأس والقنوط.. ودائماً كن متفائلاً.. فالله سبحانه وتعالى يقول : { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (يوسف: 87) ويقول سبحانه أيضاً : { وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ } (الحجر: 56).. فالله الله في نفسك.. ودع عنك هذه الهواجس والظنون.. وابعد عنك التخيلات والأوهام.. وابعد عن تفكيرك الأفكار المدمرة.. والمعتقدات الهدامة.. تعش في سلام وأمن وأمان.. لا يضايقك في الحياة إنس ولا جان؟!!..
أيها المشتكي وما بك داء
كيف تغدو إذا غدوت عليلا
أترى الشوك في الورد وتعمى
أن ترى فوقه الندى إكليلاً
والذي نفسه بغير جمالٍ
ًلا يرى في الوجود شيئاً جميلاً
فرد عليَّ بقوله : ولكن يا صاحبي.. ما هذه الآمال الكاذبة؟!!.. وما هذه الأماني الخادعة؟!!..
فلا تحسبوا أن المعالي رخيصة
ولا أن إدراك العلى هين سهل
فما كل من يسعى إلى الجد ناله
ولا كل من يهوى العلا نفسه تعلو
ومتى كان السلام مع أعداء الإسلام؟!!.. ومتى كان الباطل حقاً؟!!.. ومتى كان الخطأ صواباً؟!!.. ومتى كان الجهل علماً؟!!.. ومتى كان الجبن شجاعة؟!!.. ومتى كان النفاق إيماناً؟!!.. ومتى كانت المعصية حلالاً؟!!.. ومتى؟!! ومتى؟!!.. فواعجبي..
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
فدنيانا التصنع والترائي
فنحن به نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب
ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
لبسنا للخداع مسوك ضأن
فويل للمغير إذا أتانا
يا صاح.. وماذا قد عملتم بما علمتم؟!.. سوى السكوت عن الحق.. والرضوخ لأعوان الباطل.. والرضا بالواقع المرير.. وتعتقدون أنكم بهذا رضيتم بأضعف الإيمان؟!!.. هيهات هيهات يا إنسان.. لا يصلح هذا الزمان.. إلا بما صلح أوله.. فعد إلى سيرة أبي بكر وعمر وعلي وعثمان.. تخبرك بما خفي عنك من خبر الزمان.. أنه لا عزة للإنسان.. إلا بما أمر به الرحمن.. وبما طبقه النبي العدنان.. وأعلم أنه..
غداً توفي النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
إلهي إلى متى يستمر هذا الحال؟!! وهل هناك من مخرج أو سبيل؟!!! في عصر الجبناء وأصحاب الأحلام والأماني الخادعة!!.. ولكن أعلم ياصاح..
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي
والنصح أغلى ما يباع ويوهب
ثم قال لي بعد ذلك بصوت خافت به حشرجة :
لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في رماد
ثم سمعت صوتاً.. عجيباً غريباً.. كأنه صوت انفجار.. فتحسست أذني مصدر الصوت.. فوجدته قد صدر من جهة موضع القلم.. فلما نظرت إلى ذلك المكان.. الذي يقبع فيه قلمي العزيز.. كانت المفاجأة المؤلمة.. فلقد أنفجر القلم.. وقذف ما بقى من حبر من جسده.. لافظاً أنفاسه الأخيرة.. فعلمت وكلي لوعة وأسى.. أنه كان مجرد هذيان ما قبل الموت؟؟!!!!.. وعلمت أنه..
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيباً
كاسفاً باله قليل الرجاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق