الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( أسلوب الإسقاط)

نجد من بعض الناس.. من ينتقد الآخرين.. سواء كان هذا الانتقاد.. في الأسلوب.. أو في التعامل.. أو في طريقة التفكير.. أو في الهيئة.. أو في اللباس.. أو في الأكل.. أو في أسلوب الحوار.. أو في أسلوب المناقشة.. أو في المنهج الذي يسلكه ذلك الشخص.. ليرفع بهذا نفسه.. وليعظم قدرها.. كأنه خالي من العيوب.. وكأنه الوحيد الذي يفكر.. والوحيد الذي يمكن أن ينصح.. والوحيد الذي يجب أن يعتد بكلامه.. والوحيد الذي يجب أن يسمع قوله.. والوحيد الذي يجب أن يتبع رأيه.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً أمثال هؤلاء : << ثلاث مهلكات وثلاث منجيات وثلاث كفارات وثلاث درجات فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه>> (المعجم الأوسط :ج6 ص47)..
متى يهديك عقلك وهو غَفْلٌ
إذا حسناته أضحت خطايا
فأنساه الغرور.. والاعتداد بالنفس.. أصله ومآله.. ولم يعلم هذا المأفون.. أن كل بني آدم خطاء.. وأنه ليس العيب أن تخطأ.. ولكن العيب أن تستمر في الخطأ..
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
ويسمى هذا الإسلوب في التربية.. "بأسلوب الإسقاط".. أي أن تسقط غيرك.. لكي تظهر أنت.. وتبرز أمام الناس والمجتمع.. أو بمعنى أوضح : إسقاط عيوب الإنسان على غيره.. لينفي عن نفسه النقص .. ويتهم به غيره مع أنه متحقق فيه.. ويفعل هذا.. بعض الناس.. من أهل الظهور.. وحب الشهرة.. وأهل الريا والسمعة.. والذين خلوا من الإيمان.. وانسلخوا من الإسلام.. وغرهم الشيطان وأمناهم.. وانساخوا وراء الأوهام.. واتبعوا النفس والهوى والأحلام..
وآفة العقل الهوى فمن علا
على هواه عقله فقد نجا
ولم يعلم هؤلاء القوم.. بأن الشهرة ليست هي المقياس لأعمال الرجال.. كما أن الشكل ليس مقياساً لفصاحة الرجل وأدبه.. واللباس ليس مقياساً للغنى والجاه.. فكم من أعمال عظيمة وجليلة لم يعرف أصحابها!!.. وكم من أعمال حقيرة ودنيئة لمع اسم أصحابها.. فالشهرة ليست دليلاً على عظمة العمل.. وليست دليلاً على قوة شخصية الرجل.. ولكني في نهاية المطاف أقول :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق