الأحد، 13 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( رفقاً بحالك يا فتاة زماننا!!)

يا أيتها المتحررة من القيود والأخلاق.. ومن الأعراف والتقاليد.. ومن العفة والفضيلة.. ومن القيم والحياء.. يا أيتها الباحثة عن الحرية المزعومة.. والرقي المشبوه.. والتقدم بالانحطاط.. والتحرر بالتفسخ.. والتثقف بالعري..
والعقل والحق يحرران من
رق الهوى ويدعوان للعلا

يا أيتها المسكينة.. إنكِ كمثل الوردة البلاستيكية.. في بداية أمرها.. تخدع الإنسان عندما يراها من بعيد.. أما عندما يقترب منها.. يكتشف زيفها وخداعها.. ويكتشف أيضاً.. أنها لا تنبعث منها الرائحة العطرة الفواحة المنعشة.. كرائحة الزهرة الحقيقية.. وإنما مجرد شكل جذاب.. ينخدع فقط به الحشرات والذباب..
إذا ما رأيت المرء يقتاد الهوى
فقد ثكلته عند ذاك ثواكله
وقد أشمت الأعداء جهلاً بنفسه
وقد وجدت فيه مقالاً عواذله
فأنتِ في الحقيقة ظاهر براق جميل.. ومخبر مغشوش هزيل.. فشكلكِ المصطنع المتكلف.. الذي صنعته كثير من المستحضرات التجميلية.. والتي أنفقتِ عليه جل مالكِ.. واضعتي في سبيله دينك وحياءك.. لتصنعي هذا الجمال المزيف.. وهذا الشكل المتميع.. وهذا القناع الزائف.. الذي ينخدع به فقط السذج والحمقى.. وأردتِ أن يكون بديلاً عن الجمال الذي صنعه خالقكِ.. وموجدكِ في هذا الوجود..
ماذا يضرك لو سترت جمالاً
وحجبت عنا رقة ودلالا
يا من تعرت للرجال غواية
ليس الجمال مع الحياء محالا
في البيت أنت بحالة لا ترتجى
وإذا خرجت أتيتنا تمثالا
إن الجمال من الإله كرامة
للسالكات طهارة وكمالا
وهو السبيل إلى الضلال لغادة
تخذته سيفاً مشهراً قتالا
رفقاً بحالك يا فتاة زماننا
صوني جمالك حققي الآمالا
ليس الجمال بنوع ثوب يرتدى
فالثوب لا يعطي النفوس جمالا
لكنما هو فؤاد طاهر
عرف الحياة فضيلة وكمالا
فيذكرني شكلكِ هذا.. بالبطيخة التي يشتريها المشتري من السوق.. بعد أن يجذبه شكلها الجميل البراق الذي يسلب الألباب.. وحجمها المدهش الخلاب.. فيطمع بها.. ويشتريها بأعلى سعر.. ظاناً أن ما خفي كان أعظم.. وعندما يذهب إلى البيت.. ويأمر أهله بإحضار السكين.. ليقطع بها البطيخة.. ليتلذذ بطعمها.. تصيبه المفاجأة.. وتذهله الواقعة.. بعد أن يجد أن البطيخة من الداخل فاسدة.. لا تصلح للأكل.. فيندم على شرائها.. ويلطم خده على إضاعة ماله فيها.. ولكن ولات ساعة مندم..
ليس الجمال بأثواب تزيننا
إن الجمال جمال العقل والأدب
وكذلك أنت أيتها المتحررة.. فقد ينخدع فيكِ كثير من الناس.. ويتوافد عليك كثير من المعجبين.. كتوافد الذباب على الطعام المكشوف.. أو توافد الذرة على الدنس .. لا إعجاباً فيما تظهرين.. وإنما طمعاً فيما تملكين.. وعندما يأخذ بغيته.. ويسلب أعز ما تملكين.. يتركك وحيدة تصارعين الحياة.. ويدعك تتجرعين مرارة الزمن.. ويهملك لتكابدي غصات العمر.. ولسان حاله يقول :
سأترك ماءكم من غير ورد
وذلك لكثرة الوراد فيه
إذا سقط الذباب على طعام
رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء
إذا كان الكلاب ولغن فيه
وهذا بالطبـع.. ما جنت عليه نفسـك.. لا ما جنـى عليك خالقك.. وكنت في ذلك الوقت في نشوة النصر.. وفي عالم من الأحلام والأوهام.. فتتصورين أنكِ في بحبوحة وسعادة.. وعز ووقار.. ووجاهة ومنصب.. ظانة أن أمانيك تتحقق دون أن تجهدي نفسك.. أو تشغلي عقلك.. أو تكدري خاطرك..
عز الفتاة هي الصيانة وحدها
وكمالها بالستر لا التهتيك
يكفيك بعد الدين أن تتعلمي
تدبير منزلك الذي يؤويك
لا الناس في هذا الزمان كما نرى
ناساً وليس النهج غير مشوك
وظننتي بأن غايتكِ وطريقكِ ممهد بالورد والزهور.. وغايتنا وطريقنا ممهد بالشوك والصخور.. وتماديت في غرورك.. وانغمستي في أحلامك.. ولم تظني بأن الله يمهل ولا يهمل.. فحدث لك ما حدث.. وآل وضعك إلى ما آل إليه.. رغم أنك كنت في الماضي تستهزئين بنا.. وتعتبرين أننا بالتزامنا بالدين.. وبمحافظتنا على قيمه الأصيلة.. نعيش في جهل وتخلف.. وضنك وشقاء.. وأنت بتبذلك وتفسخك ذلك.. اعتبرت نفسك أنك تعيشين في حرية وراحة.. وهناء وسعادة .. فهنيئاً لكِ إذن تلك السعادة.. وهنيئاً لنا ذلك الشقاء؟!!! { أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ } (الجاثية : 2)..
فقل للعيون الرمد للشمس أعين
تراها بحق في مغيب ومطلع
وسامح عيوناً أطفأ الله نورها
بأهوائها لا تستفيق ولا تعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق