الاثنين، 14 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 (حتى لا تكون أمعة!!!!)

إن المسلم الحق.. قوي الإرادة.. قوي التأثير.. قوي الشخصية دائماً..يحدد بنفسه لنفسه المسار.. ويفكر ويتخذ بعد التفكير والتمحيص القرار.. إنه ليس تابعاً لكل صارخ أو ناعق.. ولا تائهاً في طريق التقليد.. أو سالكاً حياة العبيد.. ولا مبهوراً بكل حادث وجديد.. إنه رجل مبدأ.. لا تتحكم في أعماله وتصرفاته التقاليد السائدة.. أو العادات الرذيلة الوافدة.. أو الأهواء والرغبات الجامحة.. ولا الأفكار والرؤى المنحطة.. وهو ليس منكمشاً عن مخالطة الناس.. لكنه يشاركهم إحسانهم إن أحسنوا.. وينأى بنفسه عنهم إن أساؤوا..
وكنت إذا صحبت رجال قوم
صحبتهم وشيمتي الوفاء
فأحسن حين يحسن محسنوهم
وأجتنب الإساءة إن أساؤوا
وأبصر ما يعيبهم بعين
عليها من عيوبهم غطاء
أريد رضاهم أبداً وآتي
مشيئتهم وأترك ما أشاء

أما الذي يشارك الناس في كل شيء.. دون تمييز بين إحسان وإساءة.. وبين الخير والشر.. وبين الضلال والهدى.. وبين الحق والباطل.. وبين الغي والرشد.. وبين الجيد والرديء.. فهو بعيد كل البعد عن منهج السلف الصالح وإن أعتقد أنه سالكه.. وبعيد كل البعد عن منهج الإسلام وإن ادعاه.. ومن بعد عن منهج الإسلام.. ضل قصده.. وخاب مسعاه.. وتاه في طريق الشقاوة.. وانسلخ من القيود والأخلاق.. وأنحل من القيم والفضائل.. تحركه الأهواء.. وتقلبه الرغبات.. ويلعب به الشيطان.. حيث شاء وفيما أراد.. ولسان حاله يقول :
وهل أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وإن ترشد غزية أرشد

ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصحاً لأمثال هؤلاء : << لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا >> (سنن الترمذي[2007] ج4 ص364)
ولا خير في حسن الجسوم وطولها
إذا لم يزين حسن الجسوم عقول

قال لقمان لابنه:" يا بني اطف الشر وافش الخير وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ولا تحلف بالكذب ولا تشهد بالزور ولا تكن ذا لسانين وذو وجهين ولا تجر في البحر بكل ريح مثل السفينة التي تجري في البحر بكل ريح إنه من علامات النفاق ولكن استقم على سبيل واحد"..
ولست بإمعة في الرجا
ل أسائل هذا وذا ما الخبر؟
ولكنني مدرة الأصقريـ
ـن جلاب خير وفراج شر

فالمسلم الحق إذن.. لا يجامل الباطل وأصحابه على حساب الحق.. مهما ارتفع شأنهم.. وعلا منصبهم.. وكثر عددهم.. وعليه أن يحسن ويتجنب الإساءة.. مهما كانت الظروف.. ومهما كان الموقف.. وعليه أن يكون صريحاً.. ويدعو إلى الصراحة.. في كل أمور الحياة.. ولو رأى فيها هلاكه.. كذلك عليه أن يضع النقاط على الحروف.. في كل عمل يهم به.. حتى لا يكون إمعة.. وما أكثرهم في زماننا هذا؟!!..
دبيب للمجد والساعون قد بلغوا
جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا
فكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرهم
وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسب المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق