الاثنين، 14 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( واعجبي من أناس يقولون ما لا يفعلون؟!!!)

مجموعة من الناس يريدون أن يطبقون مبدأ الأخوة في الله في الحياة اليومية.. وتجدهم ينادون في كل يوم.. وفي كل ملتقى ومنتدى.. التقيد والالتزام بمبدأ المصارحة أو المكاشفة في معظم أمور الحياة.. حتى التي تتعلق بالأمور الشخصية!!.. ويجب أن لا يكون هناك حواجز.. أو سدود.. أو عراقيل بين الإخوة.. تعيقهم عن التعبير والإفصاح عن خلجات أنفسهم.. وما يضمر في صدورهم.. ويحتجز في عقولهم.. وما يدور في خواطرهم.. من أمور ومستجدات تتعلق بحوادث الزمن.. ومطبات الحياة.. بعد أن..
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا

وفي الحقيقة فإن هذا المبدأ لو طبق.. حسب ما أمر به العليم الخبير.. وحسب ما عمل به خير البشر.. وحسب ما عمل به الصحابة البررة.. دون انحراف قيد أنملة.. لرسخ في المجتمع مبدأ الأخوة حقاً.. ولسرى في الناس مبدأ التضامن والتعاضد والاتحاد.. والتعاطف والتراحم.. ولجعلهم هذا المبدأ.. كالجسد الواحد.. إذا اشتكى منه عضو.. تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر.. ولقلت النميمة والغيبة.. والبهتان والكذب بين الناس.. والتغى من قاموس حياتهم التباغض والحقد.. والغل والحسد.. ولما وجد الحساد والأعداء.. مجالاً أو منفذاً.. للدخول بين الإخوة.. للإفساد بينهم.. والإيقاع بهم.. ولعرف كل شخص ما يفكر فيه صاحبه.. وأي الطريق يريد أن يسلكه.. والهدف الذي يتطلع إليه.. لكن..
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
فلأسف الشديد.. إن هذا المبدأ إذا طبق على واقع الحياة.. ما يلبث إلا قليلاً.. ثم يتجه إلى الأفول والتلاشي.. وذلك لأنه يصطدم في كثير من الأحيان.. بعقبات وحواجز وسدود.. تمنعه من الاستمرار والثبات.. وذلك.. إما بعقول مغلقة.. أو ضمائر ميتة.. أو قلوب متحجرة.. أو نيات خبيثة.. أو أرض بور لا ينمو فيها أمثال هذه النباتات الصالحة.. فـ
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
فإذا أخبرت أحد من الزاعمين باتباع هذا المبدأ.. بموضوع فيه درجة ولو بسيطة من الحساسية.. فإنك تراه في البداية.. عبس وبسر.. وانقلب وجه أحمر.. ثم أرعد وأزبد.. ثم بعد ذلك أدبر واستكبر.. ثم حشر فنادى.. فقال : إن صاحبكم هذا قد تمادى.. رغم أنه من محبي هذه الوصفة السحرية.. أو هذا المبدأ.. ومن المنافحين عنه حسب زعمه.. لعله فيه الخلاص لما عجز عنه غيره من المبادئ والحلول.. وليس هذا فقط.. بل تراه يكيد لك الدسائس.. ويحيك لك المؤامرات.. لأنك تعديت في نظره المنطقة المصرح لك.. وأصبحت عدوه الأوحد.. والذي يجب القضاء عليه.. حتى لا تنتشر سمومك.. وتتسرب أفكارك.. ولهذا أقول لأصحاب هذا الفكر الآسن.. وهذا المسلك القذر.. وهذا التوجه العفن.. إن سبب عدم عتابي لكم هو:
إني ليهجرني الصديق تجنباً
فأريه أن لهجره أسبابا
وأخاف إن عاتبته أغريته
فأرى له ترك العتاب عتابا
وإذا بليت بجاهل متغافل
يدعو المحال من الأمور صوابا
أوليته مني السكوت وربما
كان السكوت عن الجواب جوابا
ولكن.. واعجبي من زمن.. فيه أناس يقولون ما لا يفعلون.. ويفعلون ما ينهون.. وفي نهاية الأمر.. تجدهم يتشدقون.. ويهرفون بما لا يعرفون؟!!! ولكن..
متى تصل العطاش إلى ارتواء
إذا استقت البحار من الزكايا
ومن يثني الأصاغر عن مراد
وقد جلس الأكابر في الزوايا
وإنَّ ترفُّع الوضعاء يوماً
على الرَّفعاء من إحدى الرزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي
فقد طابت منادمة المنايا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق