الخميس، 17 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ـ رسائل وردود ـ الرسالة :( رسالة إلى زوجتي الغالية)

الرسالة :
رسالة إلى زوجتي الغالية :

(إلى زوجتي الغالية ):

الحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً.. وجعل علاقة الزوج بزوجته تقوم على التعارف والمودة.. والرحمة والصيانة.. والحفظ والعفة.. وأشهد أن لا إله إلا الله.. وحده لا شريك له.. القائل في كتابه العظيم : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: 21).. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله.. حض على الألفة بين الزوجين.. وضرب لنا أروع الأمثلة في التعامل مع زوجاته.. القائل : << ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله>> (سنن ابن ماجة [1857] ج1 ص596).. وقوله صلى الله عليه وسلم عندما سأل عن أي المال خير فقال: << أفضله لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه>>(مسند أحمد [22446] ج5 ص278) .. صلوات الله وسلامه عليه.. وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
فررت من اللقاء إلى الفراق
فحسبي ما لقيت وما ألاقي
سقاني البين كأس الموت صرفاً
وما ظني أموت بكف ساقي
فيا برد اللقاء على فؤادي
أجرني اليوم من حر الفراق
أيتها الزهرة المشرقة.. والوردة المتفتحة.. والعطر الندي.. يا صاحبة الابتسامة الوضاءة المشرقة.. التي غمرت روحي بإشراقها.. وأذابت عن كاهلي أحزاني وآلامي.. وجددت لي آمالي وتطلعاتي.. ويا صاحبة الجمال الذي جمله الحياء.. وعطره الصدق.. وزانه طاعة الرحمن.. والابتعاد عن مسالك الشيطان.. وسلوك درب أهل الرضوان..
نفسي الفداء لمن عصيت عواذلي
في حبِّه لم أخش من رقبائه
الشمس تطلع عن أسرة وجهه
والبدر يطلع من خلال قبائه
يا نور عيني وبصيص أملي.. ما عاد لي بعدكِ جسدٌ تأوي إليه روحي.. أو يضم بين جنبيه بقايا قلبي.. أو مكان أخبئ فيه أحاسيسي ووجدي.. أو موضع يستوعبه عقلي وفكري..
ودعت قلبي حين ودعتهم
وقلت يا قلبي عليك السلام
وصحت بالنوم انصرف راشداً
فإن عيني بعدهم لا تنام
فشوقي لكِ هد حيلي.. وأضعف جسمي.. وأذهب عقلي.. وبعدك عني.. حطم آمالي.. وأزاح تطلعاتي.. وقضى على أفراحي.. وهدم سعادتي.. وتبخرت أحلامي.. وذابت أفكاري.. وأنا أجري وراء هدفي وغايتي.. كجري العطشان وراء السراب.. لا يجد منتهاه.. ولا يصل إلى غايته.. ولا يعرف طريقه.. ولا إلى أي الجهات يكون سبيله؟!!..
هل أنت شافية قلباً يهيم بكم
لم يلق عروة من عفراء ما وجدا
ما في فؤادي من داء يخامره
إلا التي لو رآها راهب سجدا
فيا نور قلبي.. ونبراس حياتي.. كلماتي لا تسعك.. وجملي لا تستوعبك.. فأنتِ أعظم وأرقى وأسمى.. من أن يخطها بناني.. أو يلوجها لساني.. أو يصفها قلمي.. أو يعبر عنها وجداني.. أو يسطرها دمي.. أو يتخيلها فكري.. أنت وردة في بستان من الأشواك.. ونسمة في زمن العواصف والرياح.. ونور في عصر الظلمة.. وصفاء في زمن الغيوم المظلمة.. والقلوب المعتمة.. وجوهرة ازدانت بها الحياة..
أحبك يا شمس الزمان وبدره
وإن لامني فيك السهى والفرقد
إني أرسل إليكِ اعترافي واعتذاري.. بسبب خطئي وتقصيري.. فقلبكِ الواسع يتحمل هفواتي.. وعقلكِ الكبير يغفر زلاتي.. وأخلاقكِ الأصيلة تمنعكِ من مقاضاتي.. وإحساسكِ المرهف من المستحيل أن يصدق على مقاطعتي.. وعواطفكِ الصادقة أبداً لا تفكر في فراقي.. فرفقاً بنفسكِ وبي يا حياتي وعمري..
أمازحها فتغضب ثم ترضى
فكل فعالها حسن جميل
فإن غضبت فأحسني ذي دلال
وإن رضيت فليس لها مثيل
ونصيحتي لكِ أن لا تنصتي لنصح الجاهلين.. أو تلتفتي لكلام الحمقى.. أو تحزني لمقولة الحاسدين.. ولا تكترثي بشماتة الأعداء.. أو نظرات الحاقدين.. أو شعارات البله.. ولا تنخدعي بالأشكال البراقة.. والجلود الملساء.. فإنها أفاعي ووحوش.. تنتظر غفلتك.. وتترقب رقدتك.. لتنهش جسدكِ.. فكوني على حذر..
لا يكن ظنُّك إلا سيئاً
إنَّ سوء الظن من أقوى الفطن
ما رمى الإنسان في مهلكة
غير حسن الظن والقول الحسن
وإني والله عكس ما يقولون.. ومخالف ما يفعلون.. وسالك طريقاً هم عنه مبتعدون.. ومنهجاً هم له مناهضون..
تحكَّموا فاستطالوا في تحكُّمهم
وعمَّا قليل كأن الأمر لم يكن
لو أَنْصَفُوا أُنْصِفُوا لكن بغوا فبغى
عليهم الدهر بالأحزان والمحن
فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم
هذا بذاك ولا عتب على الزمن
ولهذا هم لي محاربون.. وللقضاء عليّ هم مبرمون.. ولتكميم قلمي.. وتمزيق ورقي.. وقطع لساني.. وبتر قلبي.. وسلب عقلي.. ومحو أفكاري.. هم ماضون.. ولكني..
اعرض عن الجاهل السفيه
فكلُّ ما قال فهو فيه
ما ضرَّ بحر الفرات يوماً
إن خاض بعض الكلاب فيه
ولكني رسمت طريقاً هم عنه غافلون.. ومن منهجه محاذرون.. وفكراً هم له مناوئون.. وأسلوباً هم عن مبتعدون.. أسأل الله العلي القدير العون والتأييد.. على كل جبار عنيد.. وكل من خالف منهج الرب الودود..
متى يشتفي منكِ الفؤاد المعذب
وسهم المنايا من وصالك أقرب
فبعد ووجد واشتياق ورجفة
فلا أنت تدنيني ولا أنا أقرب
كعصفور في كف طفل يزمها
تذوق حياض الموت والطفل يلعب
فلا الطفل ذو عقل يرق لحالها
ولا الطير مطلوق الجناح فيهرب
ولو كان لي قلبان عشت بواحد
وأفردت قلباً في هواكِ يعذب
ولي ألف وجه قد عرفت طريقه
ولكن بلا قلب إلى أين يذهب
وفي الختام أقول لكِ :
إن كان عهود وصلكم قد درست
فالروح إلى سواكم ما أنست
أغصان هواكم بقلبي غرست
منوا بلقائكم وإلا يبست

التوقيع :
زوجك المحب أبداً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق