الخميس، 17 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ـ رسائل وردود ـ الرد :( رسالة إلى زوجي الحبيب الغالي)

الرد:
رسالة إلى زوجي الحبيب الغالي:

الحمد لله الذي جعل الزواج ستراً وصيانة للنساء.. وكرمهن وصانهن من عبث العابثين.. وأوجب لهن حقوقاً.. وأشهد أن لا إله إلا الله.. وحده لا شريك له.. القائل في كتابه العزيز.. {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً }(النساء: 19).. وقوله سبحانه :{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة: 187).. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله.. خير من عاشر بمعروف.. القائل : << استوصوا بالنساء خيراً >> (صحيح مسلم [1468] ج2 ص1091) والقائل : <<خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي >> (صحيح ابن حبان [4177] ج9 ص484).. والقائل : << أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خيارهم لنسائهم >> (موارد الظمآن [1311] ج1 ص318).. صلوات الله وسلامه عليه.. وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد..
وافى الكتاب فأوجب الشُّكرا
فضممته ولثمته عشرا
وخضضته وقرأته فإذا
أجلى كتاب في الورى يقرا
فمحاه دمعي من تحدُّره
شوقاً إليك فلم يدع سطرا
تحية طيبة معطرة بالورد والرياحين.. مبعوثة عبر نسائم الصباح.. ببريد الزمن.. لتصل إلى من ألهب مشاعري.. بالغبطة والسرور.. وأنار طريقي.. بإشراقة الحياة بعد ظلمة الوحدة.. وانتشلني من جحيم العنوس إلى جنة الحياة الزوجية.. إلى من قهر الصعاب.. وحارب كل من كان يقف عثرة في طريق حياتنا.. إلى من سلب لب عقلي.. وسيطر على مفتاح قلبي.. وملك زمام أمري..
إني أحبُّك حباً ليس يبلغه
فهم ولا ينتهي وصفي إلى صفته
أقصى نهاية علمي فيه معرفتي
بالعجز مني عن إدراك معرفته
إليك يا أغلى من أحببت.. وأطهر من عرفت.. وأنبل من عاشرت.. وأسمى من رأيت..
كم أحمل في هواك ذلاً وعنا
كم أصبر فيك تحت سقم وضنا
لا تطردني فليس لي عنك غنا
هذا نفسي إذا أردت الثمنا
إليك يا زوجي الحبيب الغالي.. فقد وصلتني رسالتك.. وأسعدني كلامك.. وسرني بيانك.. وفهمت مرامك.. ولقد قرأتها مرات ومرات.. فكلماتك أثلجت صدري.. وأبهجت نفسي.. وكانت برداً وسلاماً على قلبي.. وزادت من أشواقي إليك أكثر وأكثر.. فالدنيا يا قرة عيني.. حلوة نضرة بوجودك.. وعبوسة كالحة بفقدك وغيابك..
إن يطل بعدك ليلي فكم
بتُّ أشكو قصر الليل معك
وأعلم يا زوجي الحبيب.. أنك شريان حياتي.. ومبلغ أملي.. وراحة بالي.. ومهما حاولت.. فلن أصل إلى عظيم أخلاقك.. وصدق عواطفك.. ومهما حاولت.. فلن أوفيك حقوقك.. ولكن يكفيني من الدنيا.. أن نعيش معاً.. ويظلنا سقف واحد.. ولا تفرقنا الأماني.. ولا تبعدنا الأحلام.. ولا تشتتنا الأوهام.. فليس لي هدف في هذه الحياة.. إلا إسعادك.. وليست لي غاية.. إلا إرضاؤك.. فرضاك عني هو جنتي.. وابتسامتك في وجهي هي نعمائي وسعادتي..
ما تقلبت من نومي وفي سنتي
إلا وذكرك بين النفس والنفس
زوجي الحبيب.. قد كنت في الحقيقة.. أستمع لكلام بعض الناس.. ظانة أنهم يريدون مصلحتي.. ويبحثون عن سعادتي.. وهمهم الوحيد هو سروري ورضاي.. فكنت أستمع لنصحهم.. وأمتثل لرأيهم.. بحسن نية.. وطيبة نفس.. ولم أعلم بأني في عالم مليء بالوحوش والأفاعي.. تتلون وتتشكل حسب الأهواء والرغبات.. لكي تخدع فريستها.. وتنقض على ضحيتها..
خبرت بني الأيام طراً فلم أجد
صديقاً صدوقاً مسعداً في النوائب
وأصفيتهم مني الوداد فقالوا
صفاء ودادي بالقذى والشوائب
وما اخترت منهم صاحباً وارتضيته
فأحمدته في فعله والعواقب
ورغم هذا.. لم يكن عملي هذا.. لإرضاء نفسي.. ولا لإشباع رغباتي.. وإنما كنت أبحث عما يريحك.. وعما يسعدك.. ويهدأ بالك.. ولما نبهتني لهذا الأمر.. ونصحتني بالابتعاد عنهم.. تنبهت لخطئي.. ورجعت عن أمري.. واستغفرت ربي.. وعدت إلى رشدي..
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً
إن برَّ فيما قال أو فجرا
واعلم يا زوجي الغالي.. إن سبب بحثي واهتمامي.. لما يرضيك ويسعدك.. هو أني أحببتك حباً لا يوصف.. فملك حشاشة قلبي.. وسيطر على مجريات تفكيري.. ولهذا فإنك تجدني :
أغار عليك من نظري ومني
ومنك ومن مكانك والزمان
ولو أني خبأتك في جفوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
ولكني أعاهدك بالله يا زوجي الحبيب.. بأني سأكون طوع أمرك.. ورضى نفسك.. فلا ترى مني شيئاً إلا ما يسرك.. فتعال بنا نبدأ صفحة جديدة.. نسلك فيها درب الرحمن.. ونمشي في طريق الرضوان.. ونتحد ضد حزب الشيطان.. لنعيش في هذه الحياة في وئام وسلام.. فإني والله أحببتك بكل جوارحي.. ولا أستطيع التخلي عنك.. ولا أتصور حياتي بدونك..
لقد جرى الحبُّ مني
مجرى دمي في عروقي
فاعذرني يا زوجي الغالي.. على كلماتي المتواضعة.. وجملي المتفككة.. وأفكاري المفبركة.. فهي لا تمثل إلا جزءاً يسيراً مما يختلج في قلبي.. فيغذي شراييني.. ويسعد نفسي.. وتبتهج روحي.. فلساني لا يقدر أن يصف شعوري.. وقلبي لا يبين عن سروري.. وقلمي لا يستطيع أن يعبر عن أحاسيسي.. وبناني لم يطاوعني في كتابة جملي وأفكاري..
كتبت إليك بماء الجفون
وقلبي بماء الهوى مشرب
فكيف أخطُّ وقلبي يمل
وعيني تمحو الذي أكتب
فليس يتمُّ كتابي إليك
بشوقي فمن هنا أعجب
وأعلم أن سعادتي بوجودك.. وسروري بلقائك.. وحبوري برؤية وجهك الوضاء الباسم.. فأنت قمر أضاء ظلمة حياتي.. فأشرقت شمس صبحي.. ولمت شعث أفكاري.. وأنارت عتمة ليلي.. وأنت كالهواء الذي لا يمل.. وكالماء الذي لا يستغنى عنه.. ولكن..
أسلم إن أراد الله أمراً
فأترك ما أريد لما يريد
وبرغم ذلك إلا إنني قطعت عهدا على نفسي يا زوجي الحبيب.. بأن أكون طوع أمرك.. وأن أكون نعم الزوجـة لك.. وأن لا تـرى مني إلا ما يسرك.. وأن أحرص على إسعادك ما استطعت.. وأن تكون حياتك كلها سعادة وسرور.. وأعلم..
أن المحب إذا أحب حبيبه
صدق الوفاء وأنجز الموعودا
نعم.. هذا ما قد رسمته لمستقبلي معك.. الحرص على إسعادك وإرضائك ما استطعت..
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب
وفي الختام أقول لك :
قد كنت من قبل النوى
مما ألاقي جزعا
تركتموني بعدكم
أشرب دمعي جرعا

التوقيع : زوجتك المخلصة دوماً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق