الاثنين، 14 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( الوقت المستقطع .. Time out )

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : << نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ>>(البخاري [6049] ج5 ص2357).. إن الوقت من أكبر النعم التي أنعم الله بها علينا.. فماذا عملنا في أوقاتنا؟!!.. وبماذا شغلنا أنفسنا؟!!.. هل شغلنا أنفسنا بطاعة الله عز وجل.. والعمل بما أمر.. واجتناب ما نهى.. والسعي دائماً إلى مرضاته؟!!.. والمشاركة في حلقات تحفيظ القرآن.. وحضور محاضرات ودروس أهل العلم.. ومجالسة أهل الذكر.. والمشاركة في الندوات والملتقيات.. ومطالعة الكتب والمجلات.. التي ترسخ العقيدة الصحيحة.. وتعزز السلوك المستقيم.. أو السعي في أعمال البر والخير.. لصالح المجتمع والناس.. أو المشاركة في أنشطة مفيدة.. والتي تتنوع فيها البرامج والأنشطة النافعة.. والرحلات الهادفة.. والطرق السليمة لكيفية استغلال الوقت.. وقاعدتنا في الحياة:
إذا مرّ بي يوم ولم أستفد هدى
ولم أكتسب علماً فما ذاك من عمري

أم جعلنا أوقاتنا في مجالس أهل الخنا والرذيلة.. والسهر الطويل ومجالسة أهل المجون والفسوق.. أو قضاء ساعات طويلة في اللغو المحرم.. أو اللهو الذي يؤدي إلى محرم.. أو اللعب الذي يؤدي إلى معصية.. من التهاون في أداء الصلوات.. أو التكشف والتعري في كثير من الألعاب.. أو السباب واللعان عند أداء بعض الألعاب.. أو السهر والسمر الذي يؤدي إلى الغيبة والنميمة وفحش القول.. أو الرحلات والبرامج التي تؤدي إلى التهتك والمجون.. والرذيلة ومعصية الإله.. وسماع الأغاني الماجنة.. أو مشاهدة الأفلام الخليعة .. والمسلسلات الهابطة.. أو التجول في الشوارع والأسواق.. أو الجلوس في المقاهي وعلى جوانب الطرقات؟!!
أما والله لو عرف الأنام
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
لقد خلقوا لما لو أبصرته
عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم قبر ثم حشر
وتوبيخ وأهوال عظام
ليوم الحشر قد خلقت رجال
فصلوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أمرنا أو نهينا
كأهل الكهف أيقاظ نيام

هذا هو حال كثير من شباب أمتنا.. وإذا أردنا أن تعود لنا عزتنا وكرامتنا.. فعلينا أن نستقطع جزءاً من أوقاتنا.. لمراجعة أمورنا.. وتصويب أخطائنا.. وتصحيح زلاتنا.. لأن المنهج السليم.. يستوجب أن يوجد وقت مستقطع يستقطعه الإنسان من يومه.. لتصحيح خطأ ما.. أو بداعي عرض قضية ما.. أو لتصويب وجهة نظر ما.. أو استراحة من عمل ما.. وهو وقت يستقطعه الإنسان.. من شجرة عمره.. ليحاسب نفسه.. فيما قدم وأخر في يومه هذا ..
مضى أمسك الماضي شهيداً معدلا
وأصبحت في يوم عليك شهيد
فإن كنت في الأمس اقترفت إساءة
فثنِّ بإحسان وأنت حميد
ولا ترج فعل الخير يوماً إلى غد
لعل غداً يأتي وأنت فقيد
ويومك إن عاينته عاد نفعه
إليك وماضي الأمس ليس يعود

وليت كل منا.. يحدد في يومه وقتاً مستقطعاً.. ليحاسب نفسه.. فيما قدم وأخر.. وما سيفعله في اليوم التالي .. ويخصص وقتاً مستقطعاً آخر.. في نهاية كل أسبوع .. ونهاية كل شهر.. ونهاية كل عام.. لأن حياتنا.. قد تنتهي في لحظات.. وساعتها لا ينفع أي ندم..
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثانٍ

إن رأس مال الإنسان في هذه الحياة.. ثوان ودقائق وأيام وشهور.. يقول الحسن البصري:"ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك".. فماذا قدم فيها من أعمال صالحة؟!.. وماذا سجل في صحائف أعماله؟!.. هل ستسره تلك الأعمال إذا نظر إليها يوم القيامة؟!.. أم تسوؤه؟!..
هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا
فجايعه تبقى ولذانه تفنى
إذا أمكنت فيه مسرة ساعة
تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا
إلى تبعات في المعاد وموقف
نود لديه أننا لم نكن كنا
حصلنا على هم وإثم وحسرة
وفات الذي كنا نلذ به عنا
كأن الذي كنا نسر بكونه
إذا حققته النفس لفظ بلا معنى

فالكيس من دان نفسه.. وحفظ وقته من الضياع.. وانتفع بأيام حياته.. وعمل لما بعد الموت.. والعاجز.. من أتبع نفسه هواها.. وضيع وقته.. وتمنى على الله الأماني.. فمن خاف أدلج.. ومن أدلج بلغ المنزل.. وسلعة الله غالية.. والجنة لا ينام طالبها.. والنار لا ينام هاربها.. وما من يوم ينشق فجره إلا ينادي.. "يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".. وقد قيل : "إذا هممت بخير فبادر هواك لا يغلبك.. وإذا هممت بشر فسوف هواك لعلك تظفر فإن ما مضى من الأيام والساعات على ذلك هو الغنم"..
قد هيئوك لأمر لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

فالواجب على المؤمن.. أن يحاسب نفسه.. ويبادر إلى الأعمال الصالحة.. قبل أن لا يقدر عليها.. وقبل أن يحال بينه وبينها.. إما بمرض أو موت أو شغل أو كبر أو غير ذلك..
يا مطولاً بالقيام
مستلذاً بالمنام
قم فقد فاتك يا
مغبون أرباح الكرام
وخلو دونك بالمو
لى وفازوا بالمرام
وكذا تسبقك القو
م إلى دار السلام

يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : << بادروا بالأعمال سبعاً : هل تنتظرون إلا فقراً منسياً؟!.. أو غنى مطغياً؟!.. أو مرضاً مفسداً؟!.. أو هرماً مفنِّداً؟!.. أو موتاً مجهزاً؟!.. أو الدجال فشرُّ غائب ينتظر؟!.. أو الساعة فالساعة أدهى وأمر؟!.. >> (سنن الترمذي [2306] ج4 ص552).. {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } (الأنعام: 158)..
وعظتنا بمرها الأيام
وارتنا مصيرنا الأرجام
ودعتنا المنون في سنة الغفلة
هبوا واستيقظوا يا نيام
ليت شعري ما يتقي المرء والرامي
له الموت والخطوب سهام
منهل واحد شرايعه شتى
عليه للواردين ازدحام
نتحاماه ما استطعنا وتحدو
نا إليه الشهور والأعوام
وإذا راعنا فقيد نسيناه
تناسى ما راعهن السوام
أو وقوفاً على غرور وقد زلت
بمن كان قبلنا الأقدام
ووراء المصير في هذه الأجدا
ث دار يكون فيها المقام

فهناك تسكب العبرات.. وتكثر الحسرات.. على أوقات ضيعت.. ولحظات ذهبت.. في أعمال غير نافعة.. { حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } (المؤمنون: 99ـ 100)..
مثـل لنفســك أيـها المغــرور
يـوم القيامــة والسمــاء تمــور
قد كـوّرت شمـس النهار وأضعفت
حـرّاً علـى رأس العبـــاد تفــور
وإذا الجبـــال تقلّعــت بأصولــها
فرأيتــها مثــل السحــاب تسيـر
وإذا العشــار تعطّلــت عن أهلــها
خلــت الديـــار فمـا بها معمـور
وإذا النجـوم تساقطـت وتناثـرت
وتبدَّلــت بعــد الضيــاء كــدور
وإذا الوحـوش لدى القيامـة أحضـرت
وتقــول للأمـــلاك أيـن نسيـر؟
فيقال سيـروا تشهـدون فضائحـاً
وعجائبــاً قـد أحضــرت وأمـور
وإذا الجنيــن بأمّــــه متعلّـــق
خـوف الحســاب وقلبــه مذعـور
هـذا بـلا ذنـب يخـاف لهولــه
كيـف المقيــم على الذنـوب دهـور

فلو عملنا بالقاعدة التي أمرنا بها الدين الحنيف.. في كيفية استغلال الوقت.. لتغير حالنا.. وتبدل وضعنا.. وسرنا إلى الأفضل والأحسن.. ولعادت لنا عزتنا وكرامتنا.. والتي سلبت منا منذ زمن بعيد!!!.. ولأصبح لنا حاضر مثلما كان لنا ماضٍ!!!..
شريعة الله للإصلاح عنوان
وكلُّ شيء سوى الإسلام خسران
لما تركنا الهدى حلت بنا محن
وهاج للظلم والإفساد طوفان
تاريخنا من رسول الله مبدؤه
وما عداه فلا عزٌّ ولا شان
محمد أنقذ الدنيا بدعوته
ومن هداه لنا روح وريحان
لا خير في العيش إن كانت مواطننا
نهباً بأيدي الأعادي أينما كانوا
لا خير في العيش إن كانت عقيدتنا
أضحى يزاحمها كفر وعصيان
ها قد تداعى علينا الكفر أجمعه
كما تداعى على الأغنام ذؤبان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق