الاثنين، 14 سبتمبر 2009

حدائق ذات أفنان ج1 ( يا من يرى القشر فضفاضاً فيعجبه)

فئة من الناس.. وللأسف الشديد.. يحكمون على الأشخاص بالمظاهر.. ويغترون بالأشكال اللماعة.. والأحجام البراقة.. والأجسام الضخمة.. فإذا لم يعجبه شكله.. لم يعجبه إسلوبه أو فكره أو رأيه..
ولا تغرنك أثواب على رجل
دع عنك ملبسه وانظر إلى الأدب
فالعود لو لم تفح منه روائحه
لم يحصل الفرق بين العود والحطب

وهذا وإن دل.. فإنما يدل.. على أنهم أناساً سطحيين.. لا ينظرون إلا إلى القشور.. ويتمتعون بعباطة في التفكير.. وغباوة في السلوك.. وجهل تام في التعامل.. وقد قيل : "لا يمنعك صغر شأن امرئ من اجتناء ما رأيت من رأيه صواباً.. والاصطفاء لما رأيت من أخلاقه كريماً.. فإن اللؤلؤة الفائقة لا تهان لهوان غائصها الذي استخرجها"..
وهل ينفع الفتيان حسن وجوههم
إذا كانت الأخلاق غير حسان

ولأن الحكم على الأشياء بالمظهر الخارجي فقط.. حكم قاصر.. لا يحتكم إلى دليل.. ولا يثوب إلى قاعدة.. ولا يؤول إلى مبدأ.. وسيكونون فريسة سهلة للمتلونين.. وأصحاب الألف قناع..
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
عند التقلب في أنيابها العطب

وبهذا يصبح أصحاب هذا التوجه في هذه الحياة.. جسماً بلا روح.. وصورة بلا مضمون.. متناسين أو متجاهلين قول الله سبحانه وتعالى.. في تحذيره لأصحاب الألباب.. من الاغترار بالأشكال البراقة.. والانخداع بالأجسام الممتلئة.. حيث قال:{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ }(المنافقون: 4) .. نعم.. قد تعجب الهيئة والمنظر من شخص.. لحسنه ونضارته وضخامته.. لكنه قد يكون صورة خالية من العلم والخير والفهم.. فهؤلاء الصنف.. يسمعون الكلام ولا يعونه.. أشباح بلا أرواح.. وأجسام بلا أحلام.. خالون من العقل والفهم.. لا يفقهون ولا يعقلون.. فهم جهامات وصور بلا معاني..
لا تركنن إلى ذي منظر حسن
فرب رائقة قد ساء مخبرها
ما كل أصفر دينار لصفرته
صفر العقارب أرداها وأنكرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق